للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إن هذا القرآن كلام الله - عز وجل - فضعوه على مواضعه، ولا تتبعوا فيه أهواءكم. اه‍ (١)، فتفسير الآية بغير ما تدل عليه ألفاظها وضع للكلام في غير موضعه، وتحريف له عن مواضعه؛ فهو من الإلحاد في آيات الله - تعالى -.

قال السيوطي - بعد أن ذكر تفسير ابن عباس السابق -: ففيه الرد على من تعاطى تفسير القرآن بما لا يدل عليه جوهر اللفظ‍، كما يفعله الباطنية، والاتحادية (٢)، والملاحدة (٣)، وغلاة المتصوفة. اه‍ (٤).

٢ - ومنها ذم الله - تعالى - لليهود الذين وصفهم بتحريف الكلم عن مواضعه فقال تعالى: {مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ} [النساء: ٤٦]، وقال تعالى: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمّا ذُكِّرُوا بِهِ} [المائدة: ١٣] وقال تعالى: {سَمّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ} [المائدة: ٤١].

قال الحافظ‍ ابن كثير - في قوله: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ} -: أي:

فسدت فهومهم، وساء تصرفهم في آيات الله، وتأولوا كتابه على غير ما أنزله، وحملوه على غير مراده، وقالوا عليه ما لم يقل. اه‍ (٥).


(١) أخرجه الإمام أحمد في الزهد ص ٤٦، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٧/ ٣٣٠) وعزاه له.
(٢) الاتحادية: من غلاة فرق الصوفية القائلين بوحدة الوجود، أي: أن الله - تعالى وتقدس - اتحد بخلقه فكان الخالق هو عين المخلوق، وأول من فتح باب القول بوحدة الوجود الحلاج، وتبعه ابن عربي وابن الفارض وابن سبعين وغيرهم، وكفر هؤلاء أعظم من كفر النصارى.
انظر الصوارم الحداد القاطعة لعلائق مقالات أرباب الاتحاد للشوكاني، والمعجم الفلسفي ص ٢.
(٣) الملاحدة: جمع ملحد، والإلحاد هو: الميل عن الحق، ويطلق على كل من لا يؤمن بالله واليوم الآخر، وينكر مسلّمات العقائد، أو من لا يؤمن بأي إله، فهم ينكرون جميع الأديان.
انظر الكليات ص ٤٩٠، والمعجم الفلسفي ص ١٩٢.
(٤) الإكليل في استنباط‍ التنزيل ص ٢٢٩، وانظر محاسن التأويل (١٤/ ٥٢١١).
(٥) تفسير القرآن العظيم (٣/ ٦٢)، وانظر (٣/ ١٠٥) منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>