للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إنه لسبب تطرف هؤلاء وضلالهم دخلت الرافضة الإمامية، ثم الفلاسفة، ثم القرامطة وغيرهم فيما هو أبلغ من ذلك، وتفاقم الأمر في الفلاسفة والقرامطة والرافضة، فإنهم فسروا القرآن بأنواع لا يقضي العالم منها عجبه، فتفسير الرافضة كقولهم: {تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: ١] هما أبو بكر وعمر، و {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: ٦٥] أي: بين أبي بكر وعلي في الخلافة

وأعجب من ذلك قول بعضهم: {وَالتِّينِ} أبو بكر {وَالزَّيْتُونِ} (١) عمر {وَطُورِ سِينِينَ} (٢) عثمان {وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} (٣) علي، وأمثال هذه الخرافات التي تتضمن تارة تفسير اللفظ‍ بما لا يدل عليه بحال، فإن هذه الألفاظ‍ لا تدل على هؤلاء الأشخاص. اه‍ (١).

والآخر أبو حيان الأندلسي: قال - في مقدمة تفسيره - وربما ألممت بشيء من كلام الصوفية مما فيه بعض مناسبة لمدلول اللفظ‍، وتجنبت كثيرا، من أقاويلهم، ومعانيهم التي يحمّلونها الألفاظ‍، وتركت أقوال الملحدين الباطنية المخرجين الألفاظ‍ القريبة عن مدلولاتها في اللغة إلى هذيان افتروه على الله - تعالى -، وعلى عليّ - كرم الله وجهه - وعلى ذريته، ويسمونه علم التأويل، وقد وقفت على تفسير لبعض رؤوسهم، وهو تفسير عجيب يذكر فيه أقاويل السلف مزدريا عليهم وذاكرا أنه ما جهل مقالاتهم، ثم يفسر هو الآية على شيء لا يكاد يخطر في ذهن عاقل، ويزعم أن ذلك هو المراد من هذه الآية وهذه الطائفة لا يلتفت إليها، وقد رد أئمة المسلمين عليهم أقاويلهم وذلك مقرر في علم أصول الدين، نسأل الله السلامة في عقولنا وأدياننا وأبداننا. اه‍ (٢).

***


(١) مجموع الفتاوى (١٣/ ٣٥٥ - ٣٦٠) مختصرا. وانظر تطبيقه للقاعدة في الترجيح على سبيل المثال في درء تعارض العقل والنقل (١/ ٣١٦)، ومجموع الفتاوى (٥/ ٥٥٠).
(٢) البحر المحيط‍ (١/ ١٣)، وانظر مثلا تطبيقه هذه القاعدة (١/ ٣٤، ٤٨، ٤٩، ٥٣)، و (١٠/ ٤١٥) منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>