للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه ابتداء، وغير ذلك لا يعرفه العرب، لا من آمن، ولا من كفر، والدليل على ذلك أنه لم ينقل عن السلف الصالح من الصحابة والتابعين تفسير للقرآن يماثله، أو يقاربه، ولو كان عندهم معروفا لنقل؛ لأنهم كانوا أحرى بفهم ظاهر القرآن وباطنه باتفاق الأئمة، ولا يأتي آخر هذه الأمة بأهدى مما كان عليه أولها، ولا هم أعرف بالشريعة منهم، ولا أيضا ثمّ دليل يدل على صحة هذا التفسير، لا من مساق الآية - فإنه ينافيه -، ولا من خارج.

إذ لا دليل عليه كذلك، بل مثل هذا أقرب إلى ما ثبت رده ونفيه عن القرآن من كلام الباطنية، ومن أشبههم … وهذا كله إن صح نقله، خارج عن ما تفهمه العرب، ودعوى ما لا دليل عليه في مراد الله بكلامه (١).

وهكذا كل تفسير باطني فهو مردود بهذه القاعدة، فلا يقبل تفسير لا تدل عليه ألفاظ‍ القرآن الكريم بدلالاتها؛ فالألفاظ‍ قوالب المعاني، فهي التي تدل على المعنى، ومتى حاول المفسر للقرآن إلغاء ألفاظه ومدلولاتها، وفسّره بما هو خارج عن ألفاظه، وعما تدل عليه، ألغي تفسيره وردّ عليه.

واقتصرت على ذكر هؤلاء من الباطنية وهم كثر؛ لأنهم هم الذين أفردوا التفسير بالتأليف - على قصور علمي -، وأما غيرهم فحرفوا آيات معينة ولا يوجد لهم تفسير للقرآن كامل، وقد سبق في قاعدة «لا يجوز العدول عن ظاهر القرآن إلا بدليل يجب الرجوع إليه» شيء من تأويلاتهم (٢).

والله المستعان هو حسبي ونعم الوكيل.


(١) الموافقات (٣/ ٤٠٢ - ٤٠٣).
(٢) وأمثلة هذا كثير جدا، فقد ألفوا كتبا على طرائقهم في فهم نصوص القرآن سواء أكانت من باب الإشارات الاعتبارية، أم من باب قرمطة الباطنية، ومن كتبهم «حقائق التفسير» لأبي عبد الرحمن السلمي، و «تفسير القرآن العظيم» لسهل التستري و «تفسير القرآن» المنسوب لابن عربي، و «لطائف الإشارات» للقشيري وغيرها.
وانظر مزيدا من الأمثلة في تفسير التستري ص ١١، ١٦، ١٧، ٢٧، ٧٠، ٧٤. -

<<  <  ج: ص:  >  >>