للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يكون هذا النوع في غير المشترك والمتواطئ مثل الخلاف في تفسير قوله تعالى: {أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ} [البقرة: ٢٣٧]. فقال بعض المفسرين:

هو ولي البكر. وقال آخرون: هو الزوج (١).

وأمّا مثال النوع الثاني من هذه الأنواع الثلاثة، وهو ما إذا كانت الأقوال غير متعارضة، وإنما يكون بعضها معارضا لآيات قرآنية، أو لنصوص صحيحة من السنة، أو لإجماع الأمة، فمثل هذه الأقوال يجب إطراحها، وسقوط‍ حكمها.

قال الماوردي: الضرب الثاني: أن يترجح أحدهما -[أي أحد القولين]- على الآخر بدليل، وهو على ضربين:

أحدهما: أن يكون دليلا على بطلان أحد المعنيين، فيسقط‍ حكمه، ويصير المعنى الآخر هو المراد، وحكمه هو الثابت. اهـ‍ (٢)، وذلك كقول سعيد بن المسيب (٣): ما أكل آدم من الشجرة وهو يعقل، ولكن حواء سقته الخمر، حتى إذا سكر قادته إليها فأكل (٤). اهـ‍. فمثل هذا القول معارض لصريح القرآن في وصف خمر الجنة، أنه لا يغتال العقول فيذهب بها، أو يغيّرها كما قال تعالى: {لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ} (٤٧) [الصافات: ٤٧].

قال أبو حبان: وما أظنه يصح عنه -[أي عن ابن المسيب] لأن خمر الجنة كما ذكر الله تعالى: {لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ} (٤٧) اهـ‍ (٥).


(١) انظر جامع البيان (٢/ ٥٤٢ - ٥٤٩)، وانظر أصول في التفسير لابن عثيمين ص ٣٣ - ٣٤.
(٢) النكت والعيون (١/ ٤٠).
(٣) هو: سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب المخزومي عالم أهل المدينة، وسيد التابعين في زمانه، رأى عمر وسمع عثمان وعليا وزيد بن ثابت وغيرهم. مات سنة أربع وتسعين، وقيل غير ذلك. انظر سير أعلام النبلاء (٤/ ٢١٧).
(٤) أخرجه الطبري بسنده عنه في جامع البيان (١/ ٢٣٧)، وذكره ابن عطية في تفسيره (١/ ١٨٨) وغيرهما.
(٥) البحر المحيط‍ (١/ ٢٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>