للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس خالقا لنفسه، - تعالى وتقدس - أن يكون مخلوقا.

ومن حكم الدليل العقلي أن لا يخصّص إلا بالقضايا العقلية.

ومن حكم الدليل السمعي أن لا يخصّص إلا بالقضايا السمعية، والدليل العقلي لا يتصور فيه إخراج أمر خاص من خطاب عام، وإنما يتصور ذلك في الدليل السمعي (١).

ومثال التخصيص بدليل الحس قول الله تعالى: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ}

[النمل: ٢٣] مع أنها لم تؤت ما كان في يد سليمان.

وذهب بعض العلماء منهم الإمام الشاطبي إلى أن هذا ليس من باب التخصيص؛ لأن الخارج بالعقل والحس لم يدخل في العموم حتى يبحث عن إخراجه فيكون مخصصا.

فما لا يخطر ببال المتكلم عند قصده التعميم إلا بالإخطار لا يحمل لفظه عليه، إلا مع الجمود على مجرد اللفظ‍، وأما المعنى فيبعد أن يكون مقصودا للمتكلم، وهذا هو ما يصح بحسب لسان العرب (٢).

ومثال تخصيص القرآن بالقرآن قول الله تعالى: {وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨]، خصص من هذا العموم الحامل بقول الله تعالى: {وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤]، والمطلقة غير المدخول بها بقول الله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها} [الأحزاب: ٤٩].

ومثال تخصيص القرآن بالسنة قول الله تعالى: {وَالسّارِقُ وَالسّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما} [المائدة: ٣٨].

خصّ من هذا العموم سرقة ما هو دون النصاب بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقطع اليد


(١) البحر المحيط‍ للزركشي (٣/ ٣٥٩).
(٢) انظر الموافقات (٣/ ٢٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>