للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن ذكر الخلاف في عائد الضمير في «منه» من قوله تعالى: {وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ} [الحج: ٥٥] قال: وأولى هذه الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: هي كناية من ذكر القرآن الذي أحكم الله آياته، وذلك أن ذلك من ذكر قوله: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} [الحج: ٥٤] أقرب منه من ذكر قوله: {فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ} [الحج: ٥٢]. والهاء من قوله: {أَنَّهُ} من ذكر القرآن، فإلحاق الهاء في قوله: {فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ} بالهاء من قوله: {إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} أولى من إلحاقها بما التي في قوله: {ما يُلْقِي الشَّيْطانُ} مع بعد ما بينهما. اهـ‍ (١).

فيلحظ‍ من هذا الترجيح اعتماده لهذه القاعدة، وذلك في إلحاقه الهاء من «منه» بالهاء من قوله «أنه» كي تتحد في رجوعها إلى القرآن. وكذلك اعتمد قاعدة «إعادة الضمير إلى أقرب مذكور أولى». وستأتي بعد هذه القاعدة - إن شاء الله -.

٢ - ومنهم الزمخشري: ففي معرض رده على من أجاز إعادة الضمير في {فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ} [طه: ٣٩] إلى التابوت، وما قبله وبعده يعود إلى موسى -: قال: والضمائر كلها راجعة إلى موسى ورجوع بعضها إليه وبعضها إلى التابوت في هجنة؛ لما يؤدي إليه من تنافر النظم، فإن قلت: المقذوف في البحر هو التابوت، وكذلك الملقى إلى الساحل.

قلت: ما ضرّك لو قلت المقذوف والملقى هو موسى في جوف التابوت حتى لا تفرق الضمائر فيتنافر عليك النظم الذي هو أم إعجاز القرآن، والقانون الذي وقع عليه التحدي، ومراعاته أهم ما يجب على المفسر. اه‍ (٢).

٣ - ومنهم ابن عطية: قال - في معرض تضعيفه لأحد الأقوال في التفسير المخالفة لهذه القاعدة -: وهذا غير قوي؛ لأنه يفرق الضمائر ويشعب المعنى. اه‍ (٣).


(١) جامع البيان (١٧/ ١٩٢ - ١٩٣).
(٢) الكشاف (٢/ ٥٣٦) وانظر مفاتيح الغيب (٢٢/ ٥٢).
(٣) المحرر الوجيز (١٤/ ١٧٠)، وانظر (٦/ ٥٨) منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>