للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحملها من قرأ بغير ألف على معنى (يخادعون) في أول الآية؛ لأنه بمعنى (يخدعون) ولم يحمله على اللفظ‍، إذ مخادعتهم إنما كانت للنبي صلّى الله عليه وسلّم وللمؤمنين، ولم يكن من النبي صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنين لهم مخادعة، فدل على أن المفاعلة من واحد فجاءت بصورة (يفاعل) وهي بمعنى (يفعل) نحو قاتلك الله بمعنى قتلك الله، فجرى الثاني على معنى الأول. وكذلك فإن (يخدعون) أخص بالواحد من (يخادعون).

وفي هذا الحرف نسب المخادعة إلى واحد وهي أنفسهم.

وحملها من قرأ بألف على المطابقة والمشاكلة بين الكلمتين، فأجرى الثاني على لفظ‍ الأول. والمعنى أن ما يخادعون بتلك المخادعة المذكورة أولا إلا أنفسهم، إذ وبالها راجع عليهم.

وقال آخرون: إن معنى (خادع) يختلف عن معنى (خدع). ف‍ (الخداع) فعل قد يقع وقد لا يقع، و (الخدع) فعل يقع بلا شك.

فعلى قراءة من قرأ {وَما يَخْدَعُونَ} أخبرت عن فعل وقع بهم بلا شك، وكذلك على قراءة من قرأ «(وما يخادعون)» جاز أن يكون لم تقع بهم المخادعة، وأن تكون قد وقعت، ف‍ (يخدعون) أمكن في المعنى (١).

وأحسن الأقوال قول من قال إن معنى القراءتين واحد، إذ اتحاد معناهما أولى من اختلافه، قال مكي بن أبي طالب بعد أن ذكر القراءتين وعلة كل قراءة: وحمل القراءتين على معنى واحد أحسن وهو أن (خادع، وخدع) بمعنى واحد في اللغة، فيكون (وما يخادعون، وما يخدعون) بمعنى واحد من فاعل واحد. اهـ‍ (٢).

وقال ابن كثير بعد أن ذكر القراءتين: وكلا القراءتين ترجع إلى معنى واحد.

اهـ‍ (٣).


(١) الكشف عن وجوه القراءات (١/ ٢٢٥ - ٢٢٦)، وانظر الحجة للفارسي، والمجاز (١/ ٣١)، وجامع البيان (١/ ٢٧٥ - ٢٧٧).
(٢) الكشف (١/ ٢٢٧).
(٣) تفسير القرآن العظيم (١/ ٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>