ومن الكتابات المنقوشة، المراسيم والقرارات التي لا يمكن العثور على ما يماثلها في الصحة بين النصوص الأدبية المخطوطة. فلقد كان من المعتاد أن يأمر السلاطين والحكام بنقض (ويمكن أن نقوم هنا بإعلان) ما يصدرونه من المراسيم والقرارات الهامة التي تتعلق بجميع أفراد الرعية وعلى الأخص ما كان ينص منها على إعفاء بعض الضرائب والإتاوات على جدران المساجد أو في أحد المعابد وذلك بعد إذاعتها على جميع أفراد الشعب بواسطة المنادين ولقد حفظت لنا الأيام من أمثال هذه المراسيم المنقوشة عدداً وافراً يعد من أصح الوثائق في التاريخ المالي والاقتصادي فهي تفيد في تحقيق وتمحيص كثير من الصكوك الإدارية التي لم يذكر عنها المؤرخون والرواة إلا أشياء تافهة أكتفوا بالإشارة إليها. وعلى سبيل المثال نورد ها نصاً لأحد هذه المقررات نقش في مسجد خالد بن الوليد في حمص وهو كمايلي:
بسم الله الرحمن الرحيم لما كان بتاريخ سنة أربع وأربعين وثمانمائة حضر جماعة من أهل حمص المحروسة شكوا للمقر السيفي بيغوت نائب السلطنة الشريفة بحمص المحروسة أعز الله أنصاره أنه قد أحدث عليهم وظالم وسألوا صدقاته لوجه الله تعالى سؤال الصدقات الشريفة في إبطال ذلك ففي الحال كتب سؤال الصدقات الشريفة في إبطال ذلك فعاد جواب وقرينه مربع شريف المرسوم العالي المولوي السلطاني الملكي الظاهري السيفي أعلاه الله تعالى وشرفه وأنفذ أن يبطل ما أحدث من ضحاف دلالة الحرير والصوف والتبن والخبز وشجرة الزيت بحمص المحروسة وإبطال الشهرة على الإطلاق وإن تكتب على باب السيد خالد رضي الله عنه القصة المشمولة بالخط الشريف عن أهل حمص حسب المرسوم الشريف شرفه الله تعالى وعظمه وفي ظاهره الرسم الشريف جقمق نصره الله
هذا وإن الكتابات المنقوشة هي مصدر ذو قيمة كبرى وشأن عظيم في تحقيق الألقاب التي كان يحملها السلاطين وأعاظم الرجال في الدولة والي لا يخلو درسها من فائدة. ومن المعلوم أن هذه الألقاب لم يكن يختارها أصحابها لأنفسهم بل هنالك أصول متبعة تمنح بموجبها من قبل السلطان أو الخليفة وذلك تبعاً لمرسوم يصدره صاحب الشأن، ولما كان أكثر هذه المراسيم والوثائق قد فق فلم يبق لدينا اليوم من مستند نرجع إليه في تحقيق هذه