نفسه على تشريع عتيق يخول الرجل حق الزواج بنساء عد ولا يساوي بينه وبين امرأته في حق الطلاق. فنحن نريد تحرير المرأة بالقلم بينما نحن نستعبدها بالقانون. .
ولأجل مثل هذه الأفكار الحرة يجدر بجميع الذين يهمهم التفكير في أحوال الشرق الاجتماعية ومستقبل حضارته عدا الاطلاع على كثير من أفكار الغربيين أن يطالعوا كتاب السيد إبراهيم المصري القيم.
المراحل
أصدر الأديب السوري المعروف ميخائيل نعيمة صاحب كتاب الغربال كتاباً جديداً في هذه السنة سماه المراحل وهو سياحات في ظواهر الحياة وبواطنها كما قال المؤلف، ولعل أول ما يسترعي انتباه المطلع على كتاب المراحل هو التحول الظاهر في نفسية كاتبه حتى ليخيل أن مؤلفه هو غير مؤلف الغربال ففي الغربال لا تكاد تجد إلا مقاييس وموازين ثابتة أستمدها صاحبها من درس الواقع ومنطق العصر والوسط الذي عاش فيهما وفي المراحل لا تقع إلا على صور وآراء لا أساس ترتكز عليه إلا الوحي النفسي والإلهام الشعري الذي لاتحصره قاعدة معينة أو مقياس ثابت. ففي الغربال كان نعيمه من عشر سنوات خلت عربياً مدققاً ورياضياً حيوياً أا في المراحل فلقد أضحى شرقياً متصوفاً يرى كل ما في الحياة وهماً طارئاً وعرضاً زائلاً فلا يكاد يسمع من الأحاديث إلا حديث حبات القمح وهي تتكلم في جوف الأرض ولا يتعظ إلا بالغراب حينما يسمعه ينعب (قاق. قاق. قاق.)
ولا يرى في الوجوه كلها إلا وجوهاً شرقية ثلاثة: وجه بوذا شيخ الهند وفيلسوفها الأكبر ووجه لاوتسو مجذوب الصين وحكيمها القديم ووجه يسوع نابغة سورية الأوحد ومعلم التضحية والإخلاص.
لقد أحب نعيمه هذه الوجوه وأفتتن بها فوصفا لنا في كتابه المراحل وصفاً لعله أبدع من جميع ما كتبه في حياته، وأتى على شرح فلسفة أصحابها بأسلوب أنيق لا أعرف بين كتاب العربية من سبقه إليه. أما بقية مقالاته في كتابه المراحل فهي لو عرضت على نعيمه صاحب كتاب الغربال، هو غير نعيمه صاحب كتاب المراحل، لا صلاها من نقده ناراً حامية رغم ما فيها مما يستلهي الفكر ويطرب النفس.