وفي تموز سنة ١٨٥٣ ظهر في ميناء (ايدو) أسطول حربي ترفرف عليه الأعلام الأميركية تحت قيادة الأميرال (بري) الذي قدم كتابا من رئيس الولايات المتحدة يطالب فيه (الشوغون) بعقد معاهدة صداقة بين أمريكا واليابان.
وقد رأى الأمير كيونان السفن الحربية الأربع التي كانت تؤلف هذا الأسطول
كافية لإملاء إرادتهم على شعب يبلغ (٣٠) مليونا. وفي الحقيقة فان اليابانيين لم يكونوا إذ ذاك ليستطيعوا مقاومة القوة الأميركية المعتزة بتفوقها الصناعي والحربي. ورغم هياج الشعب في طول البلاد وعرضها فقد اضطرت الحكومة اليابانية إلى قبول مطاليب الأميركيين ثم الروس من بعدهم. وتقول المصادر اليابانية إن المندوبين اليابانيين الذين أرسلوا لمفاوضة القائد الروسي كانوا راكبين سفينة حربية أنشئت قبل ٢٥٠ سنة. ثم أن خزينة الدولة كانت خالية خاوية وليس لدى الحكومة جنود منظمة ولا أسلحة صالحة عدا ما يهددها من الفتن والاضطراب الداخلية ولذلك خضعت لإرادة الأجانب ورضيت بفتح بلادها للتجارة الخارجية.
النهضة
هذه الصدمة كانت مبدأ النهضة اليابانية. ويظهر إن الأمم لا تفكر في خيرها وكيانها إلا إذا كانت نزلت بها الولايات وذاقت طعم الذل والخضوع.
وقد كان لإرغام اليابان على فتح بلادها للغربيين صدى بعيد في جميع طبقات الشعب ورد فعل شديد في هذه الأمة القوية الإرادة البعيدة الطموح فقامت فجأة وبعد أن ثبت لديها أن لا حياة لها إلا باقتباس الاختراعات الحديثة في تنظيم الجيوش قبل كل شيء اندفعت في هذه السبيل جميع العقبات مهما عظمت.
بدأت النهضة بثورة على الأوضاع السياسية القديمة في إدارة البلاد فتأسس حزبان بين الأمراء والنبلاء احدهما يريد القضاء على سلطة (الشوغون) - القائد العام ورئيس البلاط - وتوطيد حكم الميكادو بينما الحزب الآخر ظل متمسكا (بالشوغون) وإنما اخذ يطالب بتوسيع العلاقات مع الجانب لاقتباس صنع الأسلحة والسفن منهم.
وبعد اعتلاء الميكادو الجديد (موتسو هيتو) على العرش أرغم (الشوغون) على اعتزال الحكم ونقل العاصمة من (كيوتو) إلى (ايدو) التي سميت