بابها وهي أن أحد المرضى بعد أن سل كان يستطب برضع ثدي امرأة فسلت بدورها وماتت بعد أن نقلت العدوى إلى أختها التي غالبت المرض فغلبته وشفيت غير أن المريض المنكود الحظ الذي كان السبب في تفشي الداء وموت تلك المرأة البائسة لم تجده المعالجة نفعاً فقضى ضحية دائه الوبيل. وفي آخر القرن السابع عشر وبدء الثامن عشر جاء باليني الإيطالي (٠١٦٤٣ - ١٧٠٤) فكان أول من ذكر التوسط الجراحي في سل الرئة. وقد برز في القرن الثامن عشر فون سوتين (١٧٠٠ - ١٧٧٢) الهولندي المولد النمساوي الإقامة. اضطهد هذا الطبيب الشهير في بلده لأنه كان كاثوليكياً فرحل إلى انكلترة ومنها إلى فينة حيث نال شهرة سريعة. ولم يكتب عن السل شيئاًَ جديداً سوى أنه أشار باستعمال خزام العنق في السل الرئوي وبخزع الرغامى في الحالات الخطرة. وفي العصر نفسه قام في إيطالية مورغاني (١٦٨٢ - ١٧٧١) الشهير وكان يخشى السل خشيته للأفعى حتى أنه لم يكن يجسر على تشريح جثة المسلول خوفاً من انتقال العدوى إليه فأيد فكرة فراكستور بعدوى السل ولم يكتف بهذا بل أنه وصف قبل كل أحد التهاب السحايا السلي وأورد عنه مشاهدة جزيلة الفائدة: ابنة في الثانية عشرة متوقدة ذكاء فقدت أختها وأخاها بالسل وأصابها هي نفسها بعد سنة من فقدهما التهاب في الرئة اليسرى ثم اعتراها صداع فوق الوقب ولم يمر عليها يوم واحد على ظهور هذا المرض حتى أخذها الهذيان وثبتت عيناها واعتراها الإقياء وحركات تشنجية عقبها نوع من السبات كانت تتخلله آونة بعد أخرى نوب تشنج شديدة وزلة (ضيق نفس) ثم قضت وبعد أن فتحت جثتها بدا في قاعدة الدماغ مهل (أي مصل صديدي) نسب إليه المرض.
وظل الشعب في إيطالية يخاف السل خوفاً شديداً ويرتعد متى ذكر اسمه لما زرعه الأطباء في قلوب العامة عن سرعة عدواه فقد كتب رولن (١٧٠٨ - ١٧٨٤) ما حرفه: متى ثبت إصابة شخص بالسل كان يرقن فراشه وأغطيته وأثوابه وأدوات طعامه وشابه وجميع ما يستعمله ومتى مات يحرق هذا الأثاث ويتلف وقلما كان يسمح باستعماله بعد تبخيره. أما الغرفة فنقشر جدرانها وتطلى بطلاء جديد وتغسل أرضها وتفتح نوافذها وأبوابها وتبقى معرضة للشمس والهواء سنة كاملة قبل أن يسمح بسكنهاوقد استولى الرعب على قلوب الإيطاليين استيلاءً غريباً وبلغ منهم الخوف من السل مبلغاً بعيداً فإن شيريلو وكوتونيو