للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جمال السفاح الذي عين قائداً عاماً للجيش الرابع في سورية المباشرة في تنفيذ الخطة التي رسمتها له الوزارة الثمانية بالقضاء على زعماء العرب ومحو فكرة القومية العربية والفتك بالحسين وأنجاله وهذا ما دعاه لأن يبذل العسكري لإقناع المرحوم الملك فيصل بأن يقبل فيبقى بجانبه كموظف كبير في الجيش الرابع وغايته من ذلك الاحتفاظ به كوديعة منتظراً سنوح الفرص لتنفيذ الخطة المرسومة التي كان اهتمامه بها أعظم بكثير من اهتمامه بالشؤون الحربية وأمور الجيش وإدارته، وكان الملك فيصل لا يترك فرصة تمر إلا وينتهزها لتخفيف وقع ما يحاول ذلك الطاغية إنزاله بأبناء العرب ورجالهم من ويلات ومصائب على أنه لما تحقق أنه لم يبق من فائدة من بقائه إلى جانب جمال السفاح وأنه أصبح من اللازم مغادرة سورية إلى الحجاز للعمل هنالك والتوسل بما يجب لخلاص أبناء قومه مما يعانونه من ظلم وجور، توفق لإقناع القائد التركي بلزوم السماح له بالسفر ليتمكن من جمع عدد كبير من متطوعي العرب وجعلهم تحت أمرة الجيش التركي في سورية وعوناً له وقد أرسل جمال السفاح يستأذن الحكومة المركزية في الآستانة بشأن سفر الملك فيصل إلى مكة فلم تتردد الحكومة بالموافقة على ذلك بعد أن أقنعها الملك حسين الذي كان علي صلات سرية مع ولده في دمشق بأنه مستعد لن يقدم لها عداً وافراً من المتطوعين لينضموا على الجيش التركي وقد أرسلت إليه أيضاً مالاً وسلاحاً احتفظ به مستعداً للطوارئ ومنتظراً سنوح الفرص. ولم يكد الملك فيصل يصل مكة ويقص على والده ما عرفه وشاهده من المظالم التي يوقعها جمال السفاح بأبناء العرب في سورية من نفي وقتل وتعذيب حتى ثار ثائرة وصمم النية على القيام وفي وجه الحكومة التركية ومناوئتها العداء انتصاراً لأبناء قومه. ومن حسن الحظ أن الحلفاء كانوا حينئذ بأشد الحاجة لمن يساعدهم وينضم إليهم ضد الأتراك وحلفائهم فبدأوا بمفاوضة الملك الحسين الذي وجد في ذلك فرصة سانحة لم يشأن أن يضيعها فدخل الحرب إلى جانبهم وذلك بعد أن ربطهم بمواثيق وأخذ منهم عهداً يتضمن اعترافهم باستقلال البلاد العربية ووحدتها وعلى هذا الأساس أعلن الثورة ضد الأتراك وذلك في النصف الأول من سنة ١٩١٦ وعهد إلى ولده الأمير فيصل بقيادة الجيش العربي المتجه إلى سورية وقد أبدى من المهارة الحربية والمقدرة والشجاعة ما كان داعياً لنصرة جيشه وتمام الظفر للعرب ولقد كان هذا النصر أحد الأسباب لهامة

<<  <  ج: ص:  >  >>