الداعية لتقهقر الجيش التركي وتقلص ظل الجيش الألماني والنمساوي في جميع الجهات الحربية في البلاد العربية وهنا يجب أن لا ننسى الأعمال الجليلة الهامة لتي أبدت هذا الظفر والتي قام بها إخوان الملك فيصل جلالة الملك علي وسموا الأمير عبد الله في الجهات الحربية الشرقية والغربية وكذلك شقيقه الأمير زيد الذي كان لجانبه في أصعب الموافق الحربية ولقد شاء الله أن يكون ظفر العرب مستمراً في تلك المواقع فتقدمت الجيوش العربية من الجهة الغربية والشرقية على أن الجهة الشمالية التي يقودها الملك فيصل كانت سريعة في تقدمها مما زاد في أمله وجعله يطلب أن ينضم إلى جيشه أفراد العرب الذين وقعوا أسرى بأيدي الحلفاء من الجيش التركي والذين جيء بهم إلى مصر فأرسل وفداً لهذه الغاية مؤلفاً ممن كمان يظن بهم الإخلاص والأمانة من أفراد حاشيته وذلك بعد أن جهزهم بما يلزم من الأموال والوسائل التي تسهل عليهم سبيل المهمة التي انتدبهم إليها بشأن انتخاب من يتوسمون فيه الكفاءة والإخلاص غير أن هؤلاء لم يوفوا الأمانة حقها بل نكثوا العهد وبدلاً من أن يقوموا بعملهم بإخلاص فقد حاولوا أن يقنعوا الحلفاء في مصر بلزوم أبعاد الملك فيصل عن القيادة واستلام مركزه مؤكدين أنهم هم أنفسهم جديرون بهذا العمل وأهل له أكثر من سواهم. . غير أنهم باءوا بالفشل وكان مسعاهم وبالاً عليهم فعادوا دون أن يحسنوا القيام بما كلفوا به وائتمنوا عليه ولقد كان من مزاياه رحمه الله ومما اتصف به من كرم الخلق ورحابة الصدر أن أحسن مثواهم ووفادتهم بعد عودتهم ولم يفاتحهم بشيء مما علمه عنهم واتصل به من أخبارهم ولم تكن هذه المصاعب مما يفل في عزيمته رحمه الله فما برح يحارب بكل ثبات وإقدام فتتقدم جيوشه تباعاً نحو الشمال حتى بلغت الوجه وتبوك ثم العقبة ووادي موسى ومعان وبلاد شرق الأردن ودرعا ولقد كان جميع من مرت بهم جيوشه من أعراب ومتحضرين ينضمون إليه مندفعين إلى ذلك بما قام في نفسهم من حبه واحترامه لما رأوه منه من الجشاعة والإقدام والصدق والإخلاص والكرم والحفاوة في سبيل نهضة الأمة العربية وإعلاء شأنها وما زال وهذا شأنه حتى اضطر الأتراك إلى التقهقر والانسحاب من دمشق أيضاً وذلك في أواخر شهر أيلول ١٩١٨ ثم من جميع البلاد السورية في الداخل والساحل فدخل الجيش العربي بقيادته إلى دمشق ظافراً وكذلك جيوش الحلفاء التي كان يقودها إذ ذاك الفيلد مارشال اللورد اللنبي الإنكليزي. وقد