بلاد جميلة يؤلمها رزء عظيم. قال لي على ظهر الباخرة ليمونس أحد كبار أرباب المعامل في سلانيك ما يأتي: لقد كان باستطاعتنا أن نعمل رغم الأزمة بالخناق لو كانت السياسة تتركنا نتصرف للعمل وفي الحقيقة أن السياسة لم يتغير شكلها في بلاد اليونان منذ ذلك الزمن الذي كان فيه فيليب المكدوني يشجع بأمواله الخصام والنزاع في ساحات اثينة العامة ولقد حل اليوم محل النزال الذي كان قائماً إذ ذاك بين الخطيبين ديموستين واشين البراز بين الزعيمين تسلادريس وفنزيلوس. لقد أحرز في انتخابات شهر أيار الغابر حزب اليمين الذي يرأسه الزعيمان تسلادريس الملكي وقوانديليس الاشتراكي الوطني ١٣٦ مقعداً ضد ١٠٩ مقاعد نالها الأحرار الراديكاليون من أشياع فنزيلوس. ولقد كان في محاولة قلب الحكم من قبل القائد بلاستراس يساعده على ذلك كما قيل فنزياوس وفي مؤامرة الاغتيال التي أوشك فنزيلوس أن يكون من ضحاياها ما أهاج الرأي العام. وزاد في اضطرابه موعد أجراء الانتخابات في سلانيك الذي حدد في اليوم الثاني من شهر تموز وهي انتخابات ستكون حاسمة بشأن انحياز الأكثرية في مجلس النواب في اثينة إلى جانب حزب الشمال أو إلى جانب حزب اليمين. لم أكن أبغي البقاء طويلاً في بلاد اليونان ولكن حضور معركة انتخابية في سلانيك لا يخلو مما يفيد الإطلاع عليه.
٢٩ حزيران: سلانيك
كنا في سفرنا من اثينة إلى سلانيك بعد أن وقفنا حيناً من الزمن في خليج فولو الهادئ وفي مركز اديبوس الشهير بحماماته، كأنما نجتاز مضيقاً من المضائق وكأنما الباخرة التي تقلنا هي إحدى تلك السفن ذات المقاذف التي تمخر عباب الأنهر الكبيرة في أمريكا، فلقد كانت تحاذينا عن كثب وعن يميننا وشمالنا الشواطئ اليابسة ومنعرجات جزيرة أويه وكان على ظهر الباخرة جمهور عظيم يتزاحمون بالمناكب ويرددون أقوالاً جميلة وأناشيد فخمة وجميعهم مسافرون إلى سلانيك ليضموا أصواتهم إلى أصوات ناخبي فنزيلوس. وبدت لنا كلانيك من أعماق خليجها ببنائها الجميل الأنيق منبسطة على سفوح جبل أولمبيا الذي حجبت ذروته كتل الضباب، ولا يصعب على الناظر لهذا الطود الرهيب أن يعرف السبب الذي حدا الإغريقيين القدماء أن يجعلوا منه مقراً ومسكتاً لآلهتهم.
لقد كان المرفأ مستقيماً قامت على جوانبه منازل حديثة غاية في النظام وحسن القياس ولا