العوامل التي خلقته، لفلذة من فلذات الحركة. التقى الاتباع والقائد عند مفترق الطريق، كانت طريقهم واحدة فساروا عليها، إما صفين: في الأول رجل واحد هو القائد، في الثاني رجال عديدون هم الاتباع، وإما صفاً واحداً: القائد والجنود معاً، وهذه هي القيادة السامية. وكان سير القائد والاتباع - في الحالة الثانية - صفاً واحداً دون اهتمام بقشور الرسميات والعنهجيات الفردية.
وسندرس في هذا الفصل بقدر ما نستطيع من الاختصار الحركة الفاشستية وقائدها موسوليني بصفتهما واحداً، ممتزجين أخلاقاً، نفسية وروحاً، غرضاً مادياً وأسلوباً، بصفتهما أداة تعبير لإرادة الأقلية السائدة في المجتمع. هذه الأقلية التي تحركهما كيف شاءت التي تمدهما بالمعونة المعنوية والمالية، والتي تنضم إلى صفوفهما وتعد نفسها من الاتباع، التي تضع في فمهما الكلمات والأوامر، التي خلقتهما: موسوليني والفاشستية معاً.
ولد موسوليني في ٢٩ يوليو سنة ١٨٨٣ في دوفيا من مقاطعة فورلي، ببيت فقير. كان أبوه حداداً وأمه معلمة، وكانت طفولته بائسة، كطفولة أبناء الفقراء.
كان يشعر بشقائه منذ تفتحت أنظار على الحياة. كان يتألم من وضعه الاجتماعي يشمئز من أبناء طبقته، ويطلب الخروج عنهم والارتفاع عليهم. قال للودفيغ في أحاديثه معه، وهو لا يزال متأثراً من قسوة تلك الأيام البعيدة عليه: على المائدة (مائدة المدرسة) كان التلامذة يتناولون طعامهم وهم ثلاثة أقسام. وكان عليَّ إن أجلس دوماً في الطرف الأسفل وإن آكل مع أشدهم فقراً. . كان يتعذب من فقره، ويحزنه وجوده مع الطبقة الثالثة من التلامذة بدل الطبقة الأولى.
في شبابه مثل رواية عامل شقي مضطهد يكاد لا يجد خبزه. ويقال أنه مرت به أيام قضى عيشها معرضاً لذل السؤال. ابتدأ العمل بالتعليم، وهو ابن ثمانية عشر سنة، فكان يتقاضى أجراً ضئيلاً يبلغ عشر ما يتقاضاه معلمو الطليان اليوم على ضآلة أجورهم. لما مل التعليم، أو حدث له ما أجبره على هجره، ذهب إلى سويسرا، هناك كان يتعاطى مختلف الأشغال الجسدية الشاقة ولا يكاد يحصل على ما يربط الجسد بالروح. لكنه كان مجتهداً، وقد واظب على الدرس في جامعتي جنيف ولو زان إلى أن توصل للحصول على شهادة بتعليم الإفرنسية. قضى أغلب حياته في تلك الفترة مقيماً بين العمال عائشاً في بيئاتهم. وذلك لأنه