لقد رأيت من موقف القطار في هذه المدينة ساحة للألعاب الرياضية ازدحم الناس فيها، ورأيت في كل جهة من الجهات أعلاماً وستائر سوداء وحمراء، أو سوداء وبيضاء وحمراء مع إشارة الصليب عليها، فماذا هنالك؟
لقد عدلت عن متابعة السفر إلى مونيخ بعد أن استطلعت الأمر وتركت القطار الذي كنت أركبه فقصدت المدينة التي وقفنا فيها.
٢٢ - تموز - ستوتغارت
يصل هتلر في هذا المساء. وستقام أعياد رياضية بمناسبة قدومه. ولقد أكدوا لي أنه سيخطب طويلاً في ختام هذه الأعياد فرأيت أن الأمر يستحق أن انتظر قليلاً، يضاف على ذلك أن هذه المدينة الصغيرة هي من مدن الولايات الألمانية التي ينزل فيها الغريب أهلاً فتلقاه باشة ويجدها جذابة بأسطحة منازلها الحمراء ومناظرها الخضراء الجميلة وبما ساد في طرقها، ما عدا الشوارع الكبرى، من هدوء وسكينة لقد كنت خلال المسافة التي قطعتها من البلاد الألمانية في طريقي إلى هذه المدينة لا أشعر بالهتلرية إلا كأنها مهزلة صبيانية لم تستطع أن تشوه شيئاً من وجه ألمانية الجنوبية الضاحك التي تفرق كثيراً عن بروسيا. لا مشاحة أن هنالك رجالاً لبسوا القمصان الرمادية ووقفوا لجانب أفراد الشرطة والدرك في مواقف القطر ومفارق الطرق ولا نكران أنهم يتفرسون في وجه من يمر أمامهم فيلقون عليه نظرات فيها ما فيها من العجرفة ولكن كيف السبيل لاعتبارهم مجدين في عملهم غير هازلين وهم يلبسون تلك السراويل الجلدية القصيرة التي تكشف عن أفخاذ مستورة بالشعر ويضعون في ذروة رؤوسهم هاتيك القبعات الصغيرة المستديرة التي لا شيء من الأبهة فيها ويربطون أذرعهم برمز الصليب ربطاً شديداً. إن في ذلك كله ما يفرق كثيراً عن زي الجيوش الفاشستية القاتم وألبسة رجاله ذوي الوجوه الجهمة والقمصان السوداء الضيقة الملتصقة.
وذهبت للنزهة في الحقول المجاورة للمدينة فألفيت الفلاحين على وشك أن يتموا حصاد الزرع وليس هنالك ما يدل على شقائهم ولكن الأرض لم يبق منها شبر واحد لم يحرث أو يزرع وهذا ما يؤيد، أكثر مما تؤيده الخطب، تزايد عدد المواليد في ألمانيا زيادة مزعجة تؤلف عذراً للطغيان الهتلري الذي ما هو في الحقيقة إلا عمل قام بدافع اليأس. حينما كنت