للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العربية.

الكمال كما قيل معوز، ولدمع الحنكة وطول المعاناة، فكيف به في ابتداء هذا العمل الجلل، ولذلك نعتقد أن ما ينشر من الملاحظات والتنبيه، والنقد النزيه، لا يقل شيئاٍ من شبا عزائم الشباب، وإنما يزيد إقداماً على إتقان النقل، بتحري المعنى الدقيق والتعبير العربي البليغ، وعرض ما ينقل من العلوم قبل نشره على المختصين بها ممن قضوا أعمارهم في تمحيصها وتحقيقها، فإن من أفضل ما يعين على تجويد العمل وإدراك المأمول، أن تتعاون على تحقيقه العقول، ولعمري أن نقل هذه المعلمة الخطيرة إلى العربية إن لم يكن - كما قال صديقنا خليل مردم بك - أعظم عمل علمي قامت به مصر فإنه من أعظم أعمالها جزى الله لجنة التعريب أفضل ما جزى به مبتدي إحسان ومحيي لسان.

عز الدين التنوخي

نقد فلسفة مناهج العلوم

المثل الأعلى في النقد

لا يخفى أن نقد المؤلفات يكون بثلاث صور، تختلف باختلاف الروح التي تتجلى في النقد.

فأما أن تكون روح الناقد مفعمة بحب المدح والإطراء، فلا ترى سوى الحسنات والمبرات وتتجاهل النقائص والزلات. ولا فائدة من هذا النوع من النقد، اللهم إلا مجاملة المؤلف وحث الناس على اقتناء مؤلفه، بل كثيراً ما ينشأ عنه مضار شتى وأما أن تكون روح الناقد مشبعة بحب القدح والذم، فلا تستوحي سوى السيئات والمتاعب وتعززها بما تشعر به نحو المؤلف أو المعرب من العواطف فتسرد لواذع ومهازل تتجلى بين طيات السطور. وضرر هذا النوع من النقد بيّن ظاهر يعود قسم منه، أن نقل جله، إلى الناقد نفسه فينسب إليه التحامل والتشفي والغايات وتنحط منزلة آرائه لدى القراء، والحقيقة تبقى ناصعة مهما حاول سترها.

وأما أن يكون رائد روح الناقد إظهار الحقيقة الراهنة متحاشياً التحامل والتجامل، فيذكر الحسنة حسنة والسيئة سيئة بدون زيادة ولا نقص. وهذا هو النقد المثمر المنشود لذي تصبو إليه النفوس الأبية، وتستهدفه أرباب الأفكار النزيهة العارية عن الأغراض وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>