إلا منذ بضعة أعوام وهو نوع من الحانات يسميه المترددون إليه في سورية تارة (بار) وتارة (كازينو) ومرة (دانسينغ). ومهما تعددت أسماؤه واختلفت فهو قاعة من قاعات الليل يجد فيها من يغشاها شراباً وموسيقى ورقصاً وغناء ويفرق المقصف الجديد عن المسرح القديم أن جل ما في المقصف أوروبي، شرابه وموسيقاه، رقصه وغناءه.
وفي المقصف راقصات فنانات (آرتيستات) يدفع لهن صاحب المقصف أجراً معيناً عدا ما يضيف إليه من الحصة التي تصيب كلاً منهن من ثمن الشراب الذي قدمه إليها العشاق أو اللاهون. ويبلغ عدد الراقصات الفنانات في المقاصف الكبيرة ثماني أو عشراً ندر أن تجد بينهن من تتكلم بالعربية فهن من الأوروبيات وأكثرهن من بلاد النمسا والمجر ورومانيا ويوغسلافيا واليونان. وقل أن تجد بين هؤلاء الفنانات من هي بارزة الجمال فاتنة المحيا ولكنهن جميعهن على الغالب أنيقات ذوات قامات هيفاء وخصور نحيلة وأجسام غضة متناسبة الأعضاء، وأكثرهن ماهرات في تمثيل اللهجة الصادقة، مثقفات بارعات في أساليب الحديث ومناهجه حاذفات في استطراد الحكاية وربط مقاطعها حتى في لغة لا يعرفن منها إلا الشيء القليل. ويسمح للرجال من المتفرجين في المقصف أن يرقصوا مع هؤلاء النسوة، على أنهم إذا جلسوا إليهن للحديث أو دعوهن للجلوس لموائدهم عليهم أن يقدموا لهن ما يطلبنه من الشراب. وثمن الشراب الذي يقدم للفنانات هو على الغالب ثلاثة أضعاف الشراب الذي يقدم لغيرهن. والفنانات قديرات على تحمل الشراب ماهرات في طلبه حتى أن بينهن من تستطيع أن تشرب في سهرة واحدة من الأقداح ما يربو عدده على الأربعين.
ولا يوشك الثلث الأول من الليل أن ينقضي حتى تنهض كل من الفنانات بدورها للرقص في مسرح المقصف أو في ساحته التي يحتاط بها المتفرجون، وتختار من الراقصات ما تكون مارسته واتفقت عليه مع الجوقة الموسيقية من قبل وقد يشاركها في ذلك واحدة أو اثنتان من زميلاتها يلبسن جميعهن ألبسة خاصة بالرقص لا تستر في الغالب إلا قسماً قليلا من أجسامهن، وقد تجد بينهن من تبلغ في رقصها وإنشادها مبلغاً من الإجادة يحيي في النفس شيئاً كثيرا من هوى الفن وعاطفة الإعجاب بمظاهره. وتبعث الراقصة للمتفرجين بابتسامات مشاعة عامة وتختص عشاقها ومريديها بنظرات ذات مغاز ومعان تجيد في