بعد وسائل البحث العلمي التحليلي الحديث. والقرن الرابع كما لا يخفي هو من أهم العصور الأدبية لما له من صفات تميزه عن بقية العصور السابقة لأن كتاب هذا العصر حاولوا بكل ما وأتوه من جهد ونشاط تنميق النثر وتحسينه بالألفاظ المنتخبة مع عناية فائقة بالشعر لكي يخلقوا بيد القارئ عند قراءته قطعة من نثر حاسة فنية تشبه تماماً الحاسة التي يشعر بها عند قراءته قطعة شعرية.
يلك هي الأسباب التي حدت بالأستاذ كي مبارك إلى أن يجعل من النثر العربي في القرن الرابع للهجرة موضوعاً لأطروحته لجامعة باريس بعد أن بين في مقدمة وجيزة أن بحثه لا يتناول سوى خصائص النثر الفني أي الذي عملت فيه الصنعة عملها لا النثر المعروف في كتابه المؤلفات العلمية والتاريخية.
١ - شيوع السجع والعناية الفائقة فيه وقد تعدى استعمال السجع الرسائل العامة إلى الرسائل الخاصة والمجادلات العلمية في حين أنه يجب أن تمنع خطورة هذه المواضيع الناس عن العناية بالألفاظ والالتفات غليها ومثال على ذلك الجدال الذي حدث بيوفيه ن بديع الزمان الهمذاني والخوارزمي وكتاب الأخير إلى رؤساء الشيعة في نيسابور.
٢ - الميل إلى الاستشهاد بالأشعار والأمثال وقد جرت العادة أن يستهل الكاتب رسالته بشعر أو شعرين تناسب الموضوع عوضا عن أن يبتدأ كما - في العصور السابقة - بذكر اسم الله والصلاة على نبيه وقد أورد المؤلف مثالاً على نلك كتاب بديع الزمان الهمذاني للخوارزمي وفيه يدعوه لمساجلة علنية بيد أن أكثر الكتاب في هذا العصر لم يتقيدوا بهذه القواعد بل استشهد بعضهم في رسائله بقطعة شعرية وآخرون بمثل شائع أو بقطعة بليغة وبعضهم دخل رأساً في الموضوع.
٣ - طرق كتاب القرن الرابع للهجرة مواضيع كانت فيما سبق في حوزة الشعر مثل الهجاء والوصف والرثاء مع العناية بالصور والمطابقة والتجانس وقد أراد الكتاب بذلك كما يرى الأستاذ زكي مبارك أن يعطوا لرسائلهم شكلاً فنياً يسهل على الذاكرة حفظها بدون تعب ولا عناء
٤ - أن شيوع القرآن في البلاد التي وقعت تحت سيطرة الإسلام جعل العرب يهتمون بالبحث عن أصول لغتهم ودرس قواعدها ودقائقها، ومن هنا يستنتج المؤلف أن خصائص