ولما استمر في هذه الطريق تمكن أخيراً من الحصول على نوع جديد من الذباب له عيون صفراء عوضاً عن الحمراء القاتمة. وأغرب حادث من هذا القبيل هو مشاهدة ذباب له عيون بيضاء تكونت تحت تأثير الحرارة بعد التكرار الطويل.
هذه التجارب قد برهنت على أن هناك تطوراً يسير في اتجاه معين وبذلك تم أثبات أحد المبادئ الهامة في نظرية التطور. .
الوراثة وتأثير البيئة:
في مؤتمر علماء الطبيعة الذي عقد أخيراً بمدينة (ويسبادن) ألقى الأستاذ (لانفه) من جامعة (برسلاو) محاضرة عن تكون التوائم وتطور الشخصية قال فيها أن المشاهدات والمباحث العلمية تجعلنا نميل إلى نظرية تأثير الوراثة أكثر من نظرية تأثير البيئة.
لا ينكر (لانفه) أن التربية والبيئة والاقتداء من العوامل ذات الأثر البين في تكوين الشخصية ولكن يجب من جهة أخرى الاعتراف بأن مقدراتنا تابعة في الدرجة الأولى إلى استعدادنا الوراثي من الناحيتين الجسمية والفكرية.
وقد بدأت هذه الحقيقة تظهر جلية في النتائج التي نوصل إليها العلماء من مباحثهم في التوائم. ونذكر بأن هذه المباحث قد اشترك فيها عدد كبير من العلماء في جميع أنحاء المعمور وأن التجارب والمشاهدات أصبحت كثيرة تساعد على الفحص الدقيق والمقارنة الواسعة.
ويمكن القول أن النتائج جميعها تبرهن على أن مقدرات المواليد التوائم الذين ينشئون من (بويضة) واحدة لا تختلف بعضها عن بعض شيئاً في الخطوط الأساسية.
وإذا صرفنا النظر عن بعض الاختلافات الجزئية في الأمور الثانوية البسيطة فإن التشابه أو الاتفاق بين مقدرات التوأمين كثيراً ما يبلغ درجة عجيبة تدعو إلى الدهشة. .
ومما يزيد في إثبات تأثير الوراثة أن الأشخاص التوائم يشبهون بعضهم بعضاً في كل شيء وتتفق مقدراتهم وشخصياتهم حتى بعد التفريق بينهم سنين طويلة ورغم تقلبهم طول هذه السنين في ظروف متباينة وتحت شروط اجتماعية مختلفة كل الاختلاف.
وهناك أمثلة عن تؤمين عاش كل واحد منهما في قارة وفي بيئة اجتماعية مختلفة ثم ظهر أنهما أصيبا بالأمراض نفسها في وقت واحد تقريباً وكانت الأسباب الداخلية لهذه الأمراض