بالعكس ودخل فالري في الخدمة العسكرية قبل أن يبلغ السنة التاسعة عشرة من عمره وتعارف في هذا الوقت مع الشاعر بيير الويس مؤلف افرودتيه وأناشيد بيلتيس.
وأسس بيير لويس بمساعدة بعض شباب ذلك الوقت ٠واسمهم اليوم اندره جيد وليون بلوم وهنري بيرانجه) مجلة أدبية عنوانها الصدفة نشر فالري أول أشعاره فيها ومن اشتراكه في تحرير الصدفة بدأت شهرته وقد تعرف بالشاعر الذي سيحدث تغييراً عميقاً في روحه ويساعده على اكتشاف شخصيته وقوته وهذا الشاعر هو ستيفان مالرمه مبدع الغموض الشعري. قرأ فالري أشعار مالرمه في ديوان استعاره من اندره جيد وشرع في زيارته كل أسبوع يوم الثلاثاء حيث كان يستقبل ضيوفه من الساعة مساءً إلى نصف الليل في داره الكائنة بشارع روما رقم٨٩
وكان يجتمع في دار مالرمه بشارع روما أشهر أدباء فرنسا ومن أحاديثهم ومحاوراتهم انتشر مذهب الشعر المحض
كان تأثير مالرمه في فالري عظيماً جداً وقد اعترف به في مقالات عديدة ومالرمه أول من قاوم تلك العقيدة الابتدائية التي اشتهرت في عهد فيكتور هوكو والتي تختصر بجمل كهذه: الشاعر نبي والشاعر رسول وللشاعر رسالة إلهية على الأرض والشعر الهام إلهي والشاعر يكتب شعره في نشوة وهيجان حينما تحل به الآلهة أو الشياطين ابتعد فالري عن هذه الآراء المبتذلة وأحس بأن الشعر يولد من تضييق الفكر وقهره بتفكير عميق متواصل والشاعر يستخلص الشعر من الحياة كالمعطر يستخلص من الورد روحه. الشاعر كيماوي يركب من تلك الأجسام التي نسميها الألفاظ مادة أن دخلت على النفس من حاستي السمع والنظر تسحرها. والشاعر صائغ يصوغ الجمال بصبر ودقة وطول بال حسب قواعد دقيقة هي شرط كيان الشعر. الشعر المحض هو الشعر الخالي من الفصاحة والبلاغة والحب والبغض والأمل واليأس ومن جميع الأهواء الإنسانية والتعاليم الأخلاقية فالشعر المحض موسيقى قوية تتولد من كلمات منتخبة أن سمع العقل رنتها يضطرب ويتلذذ حتى ولو لم يفهم معنى الكلمات ولستيفان مالرمه قصائد يستحيل على أي كان إدراك معانيها تلك هي الآراء التي استولت على فالري بالقرب من سنة ١٨٩٢ وقد كتب قصائده في ذلك الوقت تحت إشراف مالرمه واستوطن باريس في غرفة حقيرة كائنة في (الحي اللاتيني) واستطاع