للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غلا بالتوسل لمهنا بن عيسى فجاء وشفع به وأخرجه. وكان مهنا صديق أبي الفداء قبل أن يصير ملكاً، حضر سنة ٧٠٩ لما تولى اسندمر على حماة ونزلها لم يرض مهنا بتوليته فسافر إلى مصر وطلب من الملك الناصر نصب أبي الفداء على حماة فأجابه ونقل اسندمر إلى حلب وعين أبي الفداء ملكاً على حماة فعادت المملكة بتعينه إلى البيت التقوى الأيوبي.

على أن طبع البداوة عاد يوحي إلى مهنا بإقلاق الراحة والمكانة اللتين ظل ينعم بهما خمس عشرة سنة. فقد قيل في سنة ٧١١ أن قراسنقر كبير الأمراء في حلب قصد مهنا وكان على مسيرة يومين من حلب يستنصره على الملك الناصر زاعماً أنه يريد البطش به. فركب مهنا - وما كان أغناه عن ذلك - فيمن أطاعه من أهله واستنفر من الغرب نحو خمسة وعشرين ألفاً وقصدوا حلب واحرقوا باب قلعتها وتغلبوا عليها واستخلصوا منها مال قراسنقر ومن بقي من أهله ولم يتعدوا إلى سوى ذلك، فسير عليهما الملك عسكراً فخاماً عن لقائه إلى جهة الفرات.

وعن أبي الفداء: وفي سنة ٧١٢ قوي استيحاش مهنا لما اعتمد من مساعدة قراسنقر ولغير ذلك من الأمور وكاتب خربندا ملك التتار ثم أخذ منه أقطاعاً في العراق في مدينة الحلة وغيرها واستمر أقطاعه من السلطان بالشام وهو مدينة سرمين وغيرها على حاله وعامله السلطان بالتجاوز ولم يؤاخذه بما بدا منه وحلف على ذلك مراراً فلم يرجع عما هو عليه وجعل مهنا ابنه سليمان منقطعاً إلى خدمة خربندا ومتردداً إليه واستمر ابنه الثاني موسى في صداقة السلطان ومتردداً إلى الخدمة واستمر مهنا على ذلك يأخذ الإقطاعين بالشام والعراق ويصل من الفريقين وخلعهما وأنعامهما وهو مقيم بالبرية ينتقل إلى شط الفرات من منازله لا يروح إلى أحد الفئتين وهذا أمر لم يعهد مثله ولا جرى نظيره فإن كلاً من الطائفتين لو أطلعوا على أحد منهم أنه يكتب إلى الطائفة الأخرى سطراً قتلوه بساعته ولا يمهلونه ساعة ووافق مهنا على ذلك سعادة خارقة اه -. (أي أراد أبو الفداء أن يقول عن مهنا بلسان أهل زمتنا أنه كان يلعب على الحبلين شأن بعض أبناء جلدته من أمراء البادية الذين أدركنا عملهم هذا في الحرب العامة وما بعدها). وفي سنة ٧١٥ أغار سليمان بن مهنا بجماعة من التتار والعرب على التراكمين والعرب النازلين قرب تدمر ونهبهم ووصل في إغارته إلى قرب البيضاء بين القريتين وتدمر وعاد بما غنمه إلى الشرق. ثم قال: وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>