للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحسب أعصارهم ما يجب أحياؤه، والتنظير بينه وبين ما عرف المحدثون من نوعه، فما كل قديم بال ولا كل جديد حال. وهذا النداء تلبيه مؤلفات حديثة كأطروحة الأستاذ جميل صليبا في بحث (ما بعد الطبيعة لابن سينا)، ولكن اتقتصر بعثة القدماء هذه على نبش بقاياهم وآثارهم النفسية؟ هذا ما ناقشه الأستاذ جميل صليبا في البحث الذي كتبه على كتاب الأخلاق لنيقو ماخوس، فقد عدد أحمد لطفي السيد معرب هذا الكتاب أسباب سقوط الفلسفة العربية، وبين أن الغربيين في هذا العصر يعرفونها أكثر مما يعرفها العرب أنفسهم، غير أنهم لا يدرسونها ليقتبسوا منها أصولاً. لأنها في نظرهم قد أصبحت من التاريخ ثم يسترسل في ذلك إلى أن نقول ما معناه: فإذا كنا اليوم نريد فلسفة مصرية تلتئم مع علمنا الحاضر فما علينا إلا أن نجدد الدرس لفلسفة أرسطو التي بنيت عليها الفلسفة العربية، وهنا يناقشه الأستاذ جميل صليبا ويخالفه في تفسيره الفلسفة العربية قائلاً ما معناه: لا ريب أن البلاد العربية في أشد الحاجات إلى فلسفة، ونحن لا نعارض في كونها يجب أن تتفق مع مطالبنا ورغائبنا، ذلك أن العصر الحاضر كما يقول ليبنيز ناهض بحمل الماضي وأعباء المستقبل معاً، غير أن المنفعة التي يجب الحصول عليها مجدداً من الفلسفة العربية هي منفعة تاريخية محضة، وأن هذه الفلسفة العربية لا ينبغي أن تبنى على الأسس التاريخية وحدها، إذ يعوزها أن تقتبس أيضاً من فلاسفة العصر أمثال ديكارت ولوك وليبنتز وسبينوزا وسبنسر ما يمكن أن يوائم البيئة، ونحن نعتقد أنا في الحقيقة على اتفاق تام مع المؤلف في الإعراب عن هذا الرأي، إذ ليست الفلسفة العربية في حملتها عبارة عن فلسفة أرسطو فحسب، فقد بينا في مبحث ما وراء الطبيعة لابن سينا تأثير أفلاطون عليها، كذلك يبرهن غوتيه في صدد البحث عن ابن سينا أن الاتصال بين مبادئ أرسطو وعقائد الإسلام قد كان الشغل الشاغل لفلاسفة العرب من ابن سينا حتى ابن رشد، وذلك مشاهد جداً في نظريتي العقل الفعال والفيض المتين اقتبسهما فلاسفة العرب من مدرسة الاسكندرية. . .

إن فلسفة ابن سينا قد ارتوت من معين التصوف، وذلك ما يؤيده ابن الطفيل في رسالة حي بن يقظان، وثمت من جهة أخرى طائفة من الفلاسفة كالمناطقة المتكلمين الذين يخالفون ارستطاليس في مسألة الجواهر الفردة، فإذا ما عددناهم من جملة فلاسفة العرب كانت فلسفة

<<  <  ج: ص:  >  >>