المرارة التي يعاني مضضها كل من يشعر بعلائم الكره وإشارات الاحتقار موجهة إليه. وعرفت أيضاً الألم الذي يصاب به كل من يقرأ في الجرائد وفي كل يوم أن واحداً أو اثنين أو ثلاثة من أبناء قومه أحرقوا أحياء بسبب هذا الكره نفسه وذقت مرارة الاعتقاد أيضاً أنه لولا هذا الجلد، لولا هذا الغشاء من اللون الأسود، لاستطاع المرء النجاح أو على الأقل لاستطاع أن يفعل شيئاً.
ليس في وسعي أن أنسى أبداً ذلك اليوم الذي وقفت فيه أمام أحد المطاعم وقد عرضت في مقدمته أنواع كثيرة من الأسماك اللذيذة وكنت جائعاً وجيوبي مفعمة بالدنانير فدخلت وفي الحال شعرت بيد قوية تنقض عليّ وتدفعني خارجاً فترمي بي على رصيف الشارع. . لا أدري نوع العاطفة التي خامرتني إذ ذاك ولا أدري كيف عدت إلى مسكني لأني لم أعد أرى شيئاً وكنت عاجزاً حتى عن التفكير. إنما أحسست بظلمة حالكة تغمر كياني ولذلك فقد بقيت أسبوعاً كاملاً في غرفتي دون أن أرى إنساناً أو أتكلم مع إنسان منطرحاً على سريري ذاهلاً عن نفسي شقياً معذباً.
ولقد عدت بعد هذا إلى رافعي، وجعلت، وأنا أرفع الناس وأنزلهم ادرس طباعهم والسبب الذي يدعوهم لاحتقار الآخرين وكنت أدرس حركاتهم وأتفحص وجوههم، فتحول رافعي الكهربائي إلى قاعة درس أحلل فيها كل نماذج الشعوب الأمريكية. وكانت نتيجة هذه الأسابيع من الدرس، أن ارتسمت على وجهي ابتسامة صفراء، فيها مرارة، وفيها استهزاء. . .
لست شاكياً من هذا ولا متضجراً، فالزنجي الذكي لا يشكو، بل يستعد للعمل هادئاً ساكناً، منتظراً الفرصة السانحة يوماً ما. إن جامعات نيويورك وباقي الولايات الأمريكية تعج بالشبيبة السوداء التي تتعلم وتستعد للوقوف في وجه التيارات والعواصف. .
ومعظم هؤلاء الشبان من الزنوج، يقومون بشتى الأعمال القاسية لكسب القوت الضروري، في نفس الوقت الذي يملأ ون فيه أدمغتهم. لأن القوي في أميركا والذي يعرف ما يريد يجد المكافأة من أميركا نفسها: فكونته كالن يعد من أكبر شعرائها مع أن الوحي الذي رفعه إلى ذروة الشهرة، هو نفسه الذي دفعه يوماً من الأيام إلى كتابة وعندما تمثل روز ماك كلوندن في أحد المراسح، تراه يعج بالناس. ومن المستحيل أن تجد محلاً فارغاً في المسرح