يذكرون تلك الفتاة التي كانت ترافق أباها في مجلس النواب وتجلس دائماً إلى جانبه هادئة رصينة. على أن شهرة أبيها لم تكن العامل الوحيد الذي ساعدها على النجاح فقد استطاعت هي نفسها أيضاً أن تثير إعجاب الذين انتخبوها وإن تحرز رضاء واحترام أعضاء مجلس الشيوخ وثقتهم حتى استطاعت أن تنال مكانة أسمى بكثير من المكانة التي يحرزها الأعضاء الأربعة من عائلتها في المجلس الوطني الذين يعدون من المشاهير وكبار الأغنياء في أمريكا. وفي الحقيقة أن السيدة براين هي أميرة السياسة الآن ورغماً عن التسعة والأربعين عاماً التي عدتها حتى اليوم فهي ما برحت متأنقة ذات قوام أهيف ورداف منسجمة يسترها ثوب ملتصق في انسداله وانتظامه جمال وفخامة. وكثيراً ما تتحدث السيدة أوين فتلقى بنظراتها إلى الأرض مطرقة مفكرة كأنها لا تريد أن ترى ما يتركه حديثها العذب وصوتها الرنان من أثر في نفوس السامعين ولكنها لا تلبث أن تعود للتحديق في وجه محدثها فتبعث إليه بنظرات تشع من أعين خضراء رمادية لا يسعه أمام قوتها إلا أن يقف موقف الاهتمام والتجلة والاحترام. وليست السيدة أوين ممن يطلبون الشهرة وإظهار مواهبهم عن طريق السياسة فهي ولوعة بالسياسة تكاد لا تستطيع الانصراف عنها ويدعونها هذا الولع إلى العمل وتحمل المتاعب الجمة فتبذل من الجهود شيئاً كثيراً لأنها تعتقد أن المرأة، حتى في البلاد الأميركية جنة النساء، يجب أن تعمل أضعاف ما يعمله الرجل لتصل إلى النتيجة نفسها.
على أن السيدة أوين لا تخاف العمل ولا تضيق ذرعاً به يساعدها على ذلك الألعاب الرياضية التي مارستها في صباها وما عليه جسمها من سلامة وقوة فهي نشيطة حمولة صبورة جريئة مقدامة استطاعت أن تلقي خلال المعركة الانتخابية الأخيرة التي فازت بها ستمائة خطاب وإن تفاوض بنفسها تسعين رئيساً للتحرير في منطقة انتخابها الأمر الذي عجز عنه أقوياء الرجال من أخصامها في السياسة. ولقد كان من المعقول جداً بعد نجاحها الباهر في معالجة الشؤون الوطنية الداخلية أن تنصرف إلى السياسة الخارجية التي عادت فلقيت فيها النجاح نفسه فهي اليوم وزيرة الولايات المتحدة في بلاد الدنيمرك فائزة ناجحة في عملها وموضع إعجاب أبناء الدانيمرك من جهة ومواطنيها الأميركيين من جهة ثانية وقد كادت الكلمة أن تتفق على حب واحترام هذه المرأة التي استطاعت وهي جدة تعيش