نشر السير (ويليام ٠١ - لأن) مقالا في مجلة الشهر يبين فيه رأيه في أمراض الأمس وأمراض اليوم فقد ذكر أن بعض اكتشافات العلماء دلت على أن بعض الحيوانات القديمة التي سبقت ظهور الإنسان على وجه الأرض بآلاف من السنين كانت مصابة ببعض الأمراض العصبية التي يصاب بها الإنسان اليوم. وقد فند في هذا المقال آراء الذين يقولون أن هذه الأمراض لم تتغير بل زعم أن كل الأمراض خاضعة لقانون التطور وخصوصاً ما كان منها ناشئاً عن الجراثيم ولا يزال الأطباء يهتمون اليوم بتطور الأمراض الحاضرة حتى لقد تغلبوا في أوربا على بعضها فأزالو تماماً. ومن هذه الأمراض مرض الطاعون فقد ذكر المؤرخون انتشار هذا الوباء في أثينا قديماً وفي لوندره في القرن السابع عشر مثلاً ولكنه لا يوجد اليوم في أطباء العصر من يخشى هذا المرض. وقد ثبت اليوم أن لأكل اللحوم وشرب الخمر تأثيراً عظيماً في تولد بعض الأمراض فالمدينة الحديثة لم تزل بعض الأمراض إلا لتستبدل بها غيرها وقد ذكر السير (ويليام ٠١ - لأن) من هذه الأمراض الخاصة بعصرنا مرض السرطان وأمراض القلب وأمراض الأوعية الدموية والجملة العصبية. وسمى هذه الأمراض بأمراض المدينة الحديثة.
ولا تزال بعض الأمراض مثل الكوليرا والملاريا والتيفوئيد ومرض النوم والسكارلاتين والأنفلونزا تفتك في الممالك الحارة والمستعمرات إلا أن أثر هذه الأمراض في الممالك الباردة خفيف جداً. وقد استخلص السير (ويليام ٠١ - لأن) من هذه الملاحظات قانوناً عاماً يقول فيه أن بين حياة الجسد والمحيط صلة قوية وإن كل تغير في المحيط لا بد من أن يحدث بالضرورة تغيراً في البدن فالقانون الطبيعي الأعلى هو قانون المؤالفة ولا بد لكل حيوان من مؤالفة البيئة. وقد تغيرت شروط الحياة في العصر وتغيرت مها استعدادات البدن ومقاومته. فمن ذلك أن الهيكل العظمي في أبدان الحمالين أصبح مختلفاً عنه في الحالة الطبيعية ولعل أكبر سبب في تولد أمراض التمدن الحديثة راجع إلى سوء الغذاء وانتشار بعض العادات الفاسدة.