للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: ٥، ٦، والمعارج: ٢٩، ٣٠] .

قال الشنقيطي: «إن آية {أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} ليست باقية على عمومها بإجماع المسلمين؛ لأن الأخت من الرضاع لا تحل بملك اليمين إجماعًا؛ للإجماع على أن عموم {أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} يخصصه عموم {وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: ٢٣] » (١) .

والصحيح: القول بحجية العام بقسميه المحفوظ والمخصوص، فلا فرق بين العام قبل التخصيص والعام بعد التخصيص.

والدليل على ذلك تمسك الصحابة رضي الله عنهم بالعمومات، وكثير منها مخصوص، ثم إن إسقاط الاحتجاج بالعام المخصوص يفضي إلى إبطال عمومات القرآن التي دخلها التخصيص (٢) .

كما أن الأصح في تعارض العام المحفوظ مع العام المخصوص تقديم العام المحفوظ.

والحجة في ذلك أن الأول متفق على حجيته وأنه حقيقة، والثاني اختلف في كونه حجة في الباقي بعد التخصيص، والذين قالوا: هو حجة في الباقي. قال جماعة منهم هو: مجاز في الباقي، ومعلوم أن ما اتفق على أنه حجة وأنه حقيقة أولى مما اختلف في حجيته وهل هو حقيقة أو مجاز (٣) ؟.

وذهب ابن تيمية إلى أن غالب عمومات القرآن محفوظة، وذكر أن من يقول: إن أكثر العمومات مخصوصة مع إثباته للعموم يرد عليه سؤال لا توجيه له، وهو أن يقال:

هذا القدر الذي ذكرته إما أن يمنع من الاستدلال بالعموم أو لا، فإن كان مانعًا فهو مذهب منكري العموم، وهو مذهب سخيف لم ينتسب هذا القائل إليه وإن لم يكن مانعًا من الاستدلال فهذا كلام ضائع.


(١) "أضواء البيان" (٥/٧٦٢) .
(٢) انظر: "روضة الناظر" (٢/١٥١) ، و"مذكرة الشنقيطي" (٢١٤) .
(٣) انظر: "مجموع الفتاوى" (٢٣/٢١٠) ، و"أضواء البيان" (٥/٧٦٢) ، و"مذكرة الشنقيطي" (٣٢٤) .

<<  <   >  >>