للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأقيسة العقلية، فمن ذلك إثبات التوحيد بقوله تعالى: {هَذَا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [لقمان: ١١] ، وإثبات النبوة بقوله تعالى: {قُلْ لَوْ شَاءَ اللهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [يونس: ١٦] ، وإثبات البعث بقوله تعالى: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} [يس: ٧٩] .

والناس في الأدلة العقلية التي بينها القرآن وأرشد إليها الرسول - صلى الله عليه وسلم - على طرفين (١) :

فمنهم من يذهل عن هذه الأدلة ويقدح في الأدلة العقلية مطلقًا؛ لأنه قد صار في ذهنه أنها هي الكلام المبتدع الذي أحدثه المتكلمون.

ومنهم من يعرض عن تدبر القرآن وطلب الدلائل اليقينية العقلية منه؛ لأنه قد صار في ذهنه أن القرآن إنما يدل بطريق الخبر فقط.

والذي عليه أهل العلم والإيمان (٢) :

أن الأدلة العقلية التي بينها الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - أجل الأدلة العقلية وأكملها وأفضلها.

هـ- أن العقل لا يمكن أن يعارض الكتاب والسنة، فالعقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح أبدًا، فلا يصح أن يقال: إن العقل يخالف النقل، ومن ادعى ذلك فلا يخلو من أمور (٣) :

أولها: أن ما ظنه معقولاً ليس معقولاً، بل هو شبهات توهم أنه عقل صريح وليس كذلك.

ثانيها: أن ما ظنه سمعًا ليس سمعًا صحيحًا مقبولاً، إما لعدم صحة نسبته، أو لعدم فهم المراد منه على الوجه الصحيح.

ثالثها: أنه لم يفرق بين ما يحيله العقل وما لا يدركه، فإن الشرع يأتي بما يعجز العقل عن إدراكه، لكنه لا يأتي بما يعلم العقل امتناعه.


(١) انظر: "مجموع الفتاوى" (١٣/١٣٧، ١٣٨) .
(٢) انظر: "درء التعارض" (١/٢٨) ، و"مجموع الفتاوى" (١٣/١٣٧) .
(٣) انظر: "درء التعارض" (١/٧٨، ١٩٤) ، و"مجموع الفتاوى" (٣/٣٣٩) ، و"الصواعق المرسلة" (٢/٤٥٩) .

<<  <   >  >>