للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالإمام خاتمة العلماء المحققين والأئمة الأعلام المجتهدين الحافظ النظار، كان واسع الباع في العلم والاطلاع مع ذهن ثاقب ورسوخ تام بلغ درجة الاجتهاد وبلغ من العمر نيفاً وثمانين سنة ولم يفتِ بغير مشهور مذهب مالك وكان رحمه الله كثير الحكايات عن الصالحين في مجالسه ويقول هي جند من جنود الله تعالى، أخذ عن أبي الحسن اللخمي وعبد الحميد الصائغ وغيرهما وعنه من لا يعد كثرة منهم أبو محمد عبد السلام البرجيني وأبو عبد الله محمد بن عبد الرحيم يعرف بابن الفرس وأبو عبد الله بن تومرت وأبو عبد الله الشلبي وأبو الحسن صالح بن أبي القاسم بن عامر وأبو الحسن علي المعروف بابن المقرئ وأبو زكريا يحيى بن الحداد وأبو الحسن بن صاعد وأبو مروان بن عيشون وأبو الحسن المعروف بابن الأوجقي وأبو الطاهر بن مجكان وأبو الطاهر بن الدمنة التونسي، وبالإجازة أبو محمد المعروف بابن عبيد الله وأبو بكر بن أبي جمرة وأبو بكر بن خير وابن رشد المفيد والقاضي عياض وعبد المنعم بن الفرس ووالده وابن قرقول وأبو بكر بن أبي العيش وأبو القاسم ابن القاضي الشهيد المعروف بابن الحاج، له تآليف تدل على فضله وتبحره في العلوم منها شرح التلقين ليس للمالكية مثله وشرح البرهان لأبي المعالي سماه إيضاح المحصول من برهان الأصول وشرحه لهذين الكتابين يدل على أنه بلغ درجة الاجتهاد والمعلم في شرح صحيح مسلم. قال ابن خلدون: اشتمل على عيون من علم الحديث وفنون من الفقه وحكى ابن عيشون المذكور أنه سمع الإِمام يقول: كان السبب في تأليفه أنه قرئ على صحيح مسلم في رمضان فتكلمت على نقط منه فلما انتهت قراءته عرض على الأصحاب ما أمليته فنظرت فيه وهذبته انتهى باختصار، وكتابه الكبير وهو كتاب التعلقة على المدونة وكتاب الرد على الأحياء للغزالي المسمى بالكشف والأنباء على المترجم بالأحياء وتعليق على رد أحاديث الجوزقي وإملاء على رسائل إخوان الصفا والنكت القطعية في الرد على الحشوية والذين يقولون بقدم الأصوات والحروف والواضح في قطع لسان الكلب النابح وكشف الغطا عن لمس الخطا وغير ذلك وله الفتاوى والرسائل الكثيرة وكان إماماً في الطب وألف فيه في حكايته مشهورة وكان يفزع إليه في الطب كما يفزع إليه في الفتوى، مات في ربيع الأول سنة ٥٣٦ هـ بالمهدية ودفن بالمنستير ولما خشي على قبره من البحر نقل لمقامه المشهور به إلى هذا الوقت والشائع عند أهل المنستير أنه لما نقل وجد جسده المكرم لم يتغير ومنقوش بحجر فوق باب مقامه المذكور محل الحافة منه {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} أسس هذا المقام على ضريحي الشيخين الإمامين العالمين أبوي عبد الله محمد المازري ومحمد بن المواز

<<  <  ج: ص:  >  >>