الأزدي وابنه يزيد وقتيبة بن مسلم الباهلي وأسد بن عبد الله القسري ومحمد بن قاسم الثقفي وموسى بن نصير، فظهرت بذلك في مظهر الملك وعظمته وسطوته ولحقها الترف في آخر مدتها. في العقد الفريد: سمر المنصور ذات ليلة فذكر خلفاء بني أمية وسرتهم وأنهم لم يزالوا على استقامة حتى أفضى أمرهم إلى أبنائهم المترفين. وكانوا مع عظم شأن الملك وجلالته همهم الشهوات وإيثار اللذات والدخول في معاصي الله ومساخطه جهلاً منهم باستدراج الله وأمناً لمكره فسلبهم العز ونقل عنهم النعمة.
[الطبقة الرابعة]
قد علمت أن المغرب استولى عليه عبد الرحمن بن حبيب وأن دولة بني أمية انقرضت وأن عبد الرحمن بن معاوية دخل الأندلس في أواخر ذي الحجة سنة ١٣٧ هـ وتغلب عليه فملكه واستقل به وصار وراثة في بنيه وأن أمر الخلافة آل إلى بني العباس وأولهم عبد الله السفاح ثم أخوه أبو جعفر عبد الله المنصور ومن أخباره أنه لما بلغه ما حلّ بإفريقية من الثوار أمر والي مصر محمَّد بن الأشعث الخزاعي بإنقاذها فوجّه أبا الأحوص العجلي سنة ١٤٢ هـ ولما بلغ القيروان هزمه الثوار ورجع مفلولاً فكتب المنصور لابن الأشعث بأن يسير بنفسه فسار في أربعين ألف مقاتل وقتل كثيراً من الثوار والبربر ورؤسائهم ودخل القيروان سنة ١٤٦هـ وضبط إفريقية أحسن ضبط ثم لما قام عليه بعض الثائرين خرج منها سنة ١٤٨هـ، ولما بلغ المنصور ذلك عهد بولاية إفريقية إلى الأغلب بن سالم بن عقال التميمي وكان ذا رأي وشدة فقدم القيروان واستقام أمره، ثم لما قتل في حرب مع الثائرين عهد المنصور لعمر بن حفص بن قبيسة بن أبي صفرة المهلبي وكان بطلاً سمحاً قدم القيروان سنة ١٥١هـ فاستقام أمره ولما قتل في حرب كالذي قبله وجه المنصور أبا خالد يزيد بن حاتم المهلبي وهو واسطة عقد هذا البيت وأخباره في السخاء والنجدة والشهامة معروفة وكان من خواص المنصور ووجوه ولاته قدم القيروان في ستين ألف مقاتل سنة ١٥٥هـ فمهد الأمور ورتب أسواق القيروان وأفرد لكل صناعة مكاناً وجدد بناء حامعها وأوقع بالمخالفين وله مع البربر وقائع شهيرة وضبط الأحوال أحسن ضبط واستم ناسجاً على ذلك المنوال إلى أن توفي سنة ١٧١هـ ولما مرض استخلف ابنه داود وباشر الولاية بعد والده وكانت له وقائع مع البربر إلى أن قدم عمه روح بن حاتم بعهد من الرشيد وكان حاجبه وصدراً من صدور ولاته وهو أسن من أخيه يزيد فدخلها أواخر عمره وأفاض فيها سجال عدله وكرمه، وفي