يكن معنا ولا معكم فلما كان معكم غلبتمونا. فقال عمر: إنما غلبتمونا في الجاهلية باجتماعكم وتفرقنا.
وحاصله أن استقلال الأمم وتفرقها تابع لاجتماع الكلمة وتفرقها.
[فتح الجزيرة]
وهي القسم الشمالي من الأرض الواقعة بين الفرات ودجلة والجنوبي منها هو العراق العربي وكلاهما كان من منازل العرب من بكر وربيعة ومضر وكان رحيل العرب لهذه البلاد من أزمنة متطاولة قيل إنها تمتد إلى ما بعد سيل العرم وقاعدة الجزيرة الموصل وكان فتحها وفتح تكريت على يد عبد الله بن المعتم وربعي بن الأفكل وكان بعثهما سعد بن أبي وقاص من العراق وقيل بل كان فتح الموصل على يد عياض بن غنم الفهري القرشي لما فتح الجزيرة سنة ١٨ وهو من أكبر الفاتحين وأبو عبيدة بن الجراح بن عمه وهو أمير الجيوش ولما توفي أبو عبيدة في طاعون عمواس في السنة ١٨ تولى عياض عمل أبي عبيدة وهو حمص وقنسرين وأضاف إليه عمر الجزيرة وأمره بفتحها ففتحها. ولحاصل أن فتحها قيل كان من قبل سعد وهو بالراق وقيل من قبل أبي عبيدة وبلغ عياض في الفتح بادية الشام غرباً وأرمينيا وكردستان شرقاً وتوفي سنة ٢٠. ولما تم الفتح صلحاً كتب لأهل الرها بذلك ونصه:
بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب عياض بن غنم لأسقف الرها أنكم إن فتحتم لي باب المدينة على أن تؤدوا إلى على كل رجل ديناراً ومدي قمح فأنتم آمنون على أنفسكم وأموالكم ومن تبعكم وعليكم إرشاد الضال وإصلاح الجسور والطرق ونصيحة المسلم. شهد الله وكفى بالله شهيداً.
[فتح مصر وبرقة]
كان عمرو بن العاص رضي الله عنه شديد التطلع إلى مصر راغباً فتحها لأنه جاءها مرة في الجاهلية ورأى من ثروة أهلها وسهولة أمرها ما أطمعه في فتحها فلما قدم الخليفة عمر رضي الله عنه الجابية في سنة ١٨ اختلى به وفاتحه بما في نفسه وهوّن عليه أمر مصر ورغب إليه أن يوليه فتحها فتردد عمر رضي الله عنه في الأمر لأن جيوشه متفرقة في الشام والجزيرة وفارس تكافح دولة الفرس والروم فما زال به عمرو حتى استرضاه وأذن له بقصدها وجهز معه أربعة آلاف فارس كلهم من عك وقال له سر وأنا مستخير الله في مسيرك ثم أمده بأربعة آلاف ثم بأربعة آلاف آخرين وكتب إليه إني قد أمددتك بأربعة آلاف رجل منهم رجال مقام الألف الزبير بن العوام