على إفريقية وزيره المذكور وكانت وفاة الناصر سنة ٦١٠ هـ وتولى بعده ابنه المنتصر يوسف المتوفى سنة ٦٢٠هـ.
تنبيه: من أعيان العلماء المعاصرين لهؤلاء الأمراء ابن الحداد وأبو الحسن السوسي وابن عوانة.
[الطبقة الثالثة عشر]
تقدم أن الناصر استخلف على إفريقية وزيره أبا محمَّد عبد الواحد ابن الشيخ أبي حفص الهنتاتي وهنتاتة من قبائل المصامدة وهم القائمون بدعوة المهدي والسابقون لها وكان قبوله الاستخلاف بعد تمنع وشروط شرطها عليه وفي له بها الناصر وذلك في شوال سنة ٦٠٣ هـ متروكان عالماً ذكياً شجاعاً عاقلاً ومما يدل على ذكائه هو أنه دخل عليه يوماً أبو محمَّد عبد السلام البرجيني وكان تحت جفوة منه فقال له: كيف حالك يا فقيه؟ فقال: في عبادة، فقال له الأمير عبد الواحد: تعوضها إن شاء الله بالشكر، وأراد البرجيني بقوله في عبادة قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "انتظار الفرج بالصبر عبادة" وله حروب طالت لم تهزم فيها له راية ولم يزل على ولايته في جلالة إلى أن توفي في تونس فاتحة سنة ٦١٨ هـ وتقدم للولاية ولده أبو زيد عبد الرحمن ثم قدم المنتصر عمه إدريس والياً على إفريقية ومعه ابنه أبو زيد عبد الرحمن وله مع ابن غانية حروب وتوفي سنة ٦٢٠هـ وقام مقامه أبو زيد المذكور ولم يحسن السيرة ولما تولى الخلافة عبد الله العادل بن المنصور عزله وولى أبا محمَّد عبد الله بن عبد الواحد الحفصي على إفريقية فدخلها في شعبان من السنة ومعه أخواه أبو زكرياء وأبو إبراهيم ولم يزل حميد الحال إلى أن ثار عليه أخوه أبو زكرياء المذكور ووقعت بينهما حروب آلت باستيلاء أبي زكرياء على إفريقية واستقلاله بها وذلك سنة ٦٢٥ هـ ومهد دولة فخيمة لآل أبي حفص ورفع رايتهم كما ستعلم واستقام له الأمر بعد موت ابن غانية واستولى على الجزائر وتلمسان وغيرهما وخلع دولة بني عبد المؤمن لأسباب ذكروها واتسع نطاق سلطانه ووافته بيعة ملوك شرقي الأندلس وغربيها وأطاعته سجلماسة وسبتة وطنجة ومكناسة وخطب له بنو مرين وكان من العلماء العاملين والأمراء العادلين ختم على الشيخ الرعيني السوسي المستصفى وغيره من الكتب العالية وناظر في النحو ابن عصفور وكان معدوداً من الأدباء الشعراء وله مآثر جيدة وهو الذي بني جامع القصبة والمدرسة الشماعية وجمع في خزائنه من الكتب ستة وثلاثين ألف مجلد وفي سنة ٦٤٧هـ تحرك للمغرب ومات في طريقه ودفن ببونة ثم نقل إلى قسنطينة وترك من الأولاد أربعة: محمَّد