[الفريدة السادسة ذكر الأئمة المجتهدين والفرق بين أهل الحديث وأصحاب الرأي]
قال برهان الدين بن فرحون نقلاً عن القاضي عياض رحمه الله ما نصه: اعلم وفقنا الله وإياك أن حكم المتعبد بأوامر الله ونواهيه المتشرع بشريعة نبيه - صلى الله عليه وسلم - طلب معرفة ما يتعبد به، وما يأتيه ويذره ويجب عليه ويحرم ويباح له ويرغب فيه من كتاب الله تعالى وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - فهما الأصلان اللذان لا تعرف الشريعة إلا من قبلهما ثم إجماع المسلمين مرتب عليهما فلا يصح أن يؤخذ وينعقد إلا عليهما، إما من نص صريح عرفوه ثم تركوا نقله، أو اجتهاد مبني عليهما على القول بصحة الإجماع من طريق الاجتهاد وهذا كله لا يتم إلا بعد تحقيق العلم بذلك والعرف والدلالات الموصلة إليه من نقل ونظر وجمع وحفظ وعلم ما صح من السنن واشتهر ومعرفة كيف تفهم من علم ظواهر الألفاظ وهو علم العربية والفقه وعلم معانيها ومعاني موارد الشرع ومقاصده ونص الكلام وظاهره وفحواه وسائر مناهجه وهو المعبر عنه بعلم أصول الفقه وهذا كله يحتاج إلى مهلة والتعبد لازم لحينه، ثم الواصل لطريق الاجتهاد قليل وأقل القليل بعد الصدر الأول والسلف الصالح، وإذا كان هذا فلا بد لمن لم يبلغ هذه المنزلة من المكلفين أن يتلقى ما يُتَعَبَّد به وكلف من وظائف شريعته ممن ينقله له ويعرفه به، واثقاً به في نقله وعلمه، وهذا هو