قلت: وفي هذا العهد لم يبق بها أثر الإِسلام وعادت مساجدها كنائس وصوامعها مضارب للنواقيس.
تنبيه: من أعيان العلماء المعاصرين لهؤلاء الأمراء السوري وعبد الحق الصقلي والشقراطسي واللخمي وعبد الحميد الصائغ.
[الطبقة الحادية عشر]
لما توفي تميم بن المعز بويع لابنه يحيى وكان ذا رياسة وسياسة قمع الثوار ومهد النواحي وغزا بأسطوله الروم حتى وقع صلح على شروطه وكان رحيماً بالضعفاء مطالعاً لكتب السير وأخبار الزمان عارفاً بالنجوم والطب وبنظم الشعر الجيد ويجيز عليه ومن شعرائه وجلسائه العلامة الأديب المؤرخ الأريب أبو الصلت أمية بن عبد العزيز الآتي ذكره في الخاتمة وكان له شعر رائق ونثر فائق ويأتي خبره وخبر بعض ملوك صنهاجة في الخاتمة. وفي أيام هذا الأمير دخل محمَّد بن تومرت مؤسس الدولة الموحدية المهدية في أيام أبي الحسن علي وتقدم بعض خبره بما يفيد أنه دخل المهدية مرتين حين ذهب للمشرق وحين رجع منه انظر ترجمة أبي بكر بن العربي في الطبقة الحادية عشر من المقصد، وتوفي الأمير يحيى في ذي الحجة سنة ٥٠٩ هـ وخلف من البنين ثلاثين ومن البنات عشرين ودفن بقصره على ما جرت به العادة ثم نقل للمنستير.
[ولاية ابنه أبي الحسن علي بن يحيى]
تم له الأمر بعد أبيه بإتفاق من جنده واستقام أمره وكان جواداً مفضالاً لا يميل للراحة وكان من الأذكياء محباً للعلم والعلماء. وللقاضي أبي بكر اليابري مصنفان في الأصول والفقه على مذهب مالك رد فيها على ابن حزم أحدهما المدخل والآخر سيف الإِسلام في مذهب مالك الإِمام ألفه باسم الأمير أبي الحسن المذكور في المهدية سنة ٥١٣ هـ ورحل لمكة وبها توفي. رحل إليه الزمخشري من خوارزم للأخذ عنه وقدم لمكة وأخذ عنه وترجمة هذا العالم تقدمت في الطبقة الحادية عشر من المقصد. ولأبي الصلت المذكور منزلة جليلة عند هذا الأمير وتوالت بين هذا الأمير والأعراب فتن وحاله معهم مل حال أبيه وجده وكبرت بينه وبين صاحب صقلية الوحشة وتوفي سنة ٥١٥ هـ بالمهدية ونقل للمنستير.