وإذا تكلم قلت أفصح الناس وإذا تحدث قلت أعلم الناس، وكان يسمى الحبر لغزارة علمه والبحر لاتساع حفظه ونفوذ فهمه، وجملة ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألف حديث وستمائة وستون، في الصحيحين منها مائتان وأربعة وثلاثون، وهو أحد الستة الذين هم أكثر الصحابة رواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو هريرة وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك وعبد الله بن عمرو بن العاص وعائشة. وأحد العبادلة الأربعة عبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن الزبير؛ والحاصل أن دعوات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه قبلت وظهرت بركاتها عليه فاشتهرت علومه وفضائله فارتحل طلاب العلم إليه وازدحموا عليه ورجعوا عند اختلافهم لقوله وعولوا على نظره ورأيه، وكان يقال له حبر العرب ويقال إن الذي لقبه بذلك جرجير ملك الغرب وكان قد غزا مع عبد الله بن أبي سرح إفريقية فتكلم مع جرجير فقال له: ما ينبغي إلا أن تكون حبر العرب، ذكر ذلك ابن دريد في الأخبار المنثورة. قال ابن يونس: وكانت هاته الغزوة سنة ٢٧ هـ فضائله جمة وتوفي بالطائف وفي وفاته أقوال والصحيح وهو قول الجمهور سنة ٦٨ هـ.
...
شقيقه أبو محمَّد عبيد الله كان من فضلاء الصحابة وكان جميلاً سخياً جواداً، استعمله علي على اليمن وحجّ بالناس سنة ٣٦ هـ ومات بالمدينة سنة ٥٨ هـ وبه جزم أبو نعيم.
[سيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنهما)]
تقدم ذكر نسبه في مناقب والده يكنى أبا عبد الله وأبا عبد الرحمن أسلم قبل أبيه وفي الصحيحين قصته مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في نهيه عن مواظبة قيام الليل وصيام النهار وأمره بصيام يوم بعد يوم وبقراءة القرآن في كل ثلاث وهو مشهور وفي بعض طرقه أنه لما كبر كان يقول: يا ليتني كنت قبلت رخصة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أحد الستة الذين هم أكثر الصحابة حديثاً في البخاري عن أبي هريرة ما أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر حديثاً مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب روى