وفيها بعد نقله آياً من القرآن في الآداب ما نصه: ما فرط القرآن في شيء من الآداب التي قوامها الحكمة ورأسها العدل والإحسان وغايتها قصد سبيل الحق والصد عن محجة الضلالة والخروج من ظلمات الرذائل إلى نور الفضائل والتطهير من شوائب النقص والتحلي بزينة الكمال وما قصدنا بإيراد ما سلف إلا أن يكون لهذه الأمة الشريفة دليل تقدس غايتها وحرمة مذهبها ورفعة حكمتها وموافقتها لما نزل من قبل على الرسل الكرام فبذلك يهتدي البصير إلى فضل القرآن المجيد إذ جمع فأوعى ما أوتيه النبيون من قبل من البينات. انتهى من خلاصة تاريخ العرب للعالم المنصف سيديو وقصة إسلام عمر رضي الله عنه سنذكرها في خلافته.
[درة]
اعلم أنه جرت عادة الله أن أوامره لا تخلو من حكمة فإن ظهرت فهي معقولة المعنى وإلا فتعبد وذلك لأنا استقرأنا عادة الله تعالى فوجدناها جالبة للمصالح دارئة للمفاسد ولذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما:"إذا سمعت نداء الله فهو إنما يدعوك لخير أو يصرفك عن شر كإيجاب الزكاة والنفقات لسد الخلات وأرشد جبر الجنايات المتلفات وتحريم القتل والزنا والسكر والسرقة والقذف صوناً للنفوس والأنساب والعقول والأموال والإعراض عن المفسدات" اهـ حطاب.
[جوهرة]
في الاعتصام أن الله عزّ وجل أنزل القرآن عربياً لا عجمة فيه بمعنى أنه جار في ألفاظه ومعانيه وأساليبه على لسان العرب، قال تعالى:{إنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا}[الزخرف: ٣] وقال: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ}[الزمر: ٢٨] وقال: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (١٩٥)} [الشعراء: ١٩٣ - ١٩٥] كان المنزل عليه القرآن عربياً أفصح من نطق بالضاد وهو محمَّد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - وكان الذين بعث فيهم عربياً أيضاً يجري الخطاب به على معتادهم في لسانهم فليس فيه شيء من الألفاظ والمعاني إلا وهو جار على ما اعتادوه ولم يدخله شيء بل نفى عنه أن يكون فيه شيء عجمي فقال تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (١٠٣)} [النحل: ١٠٣] وقال: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ}[فصلت: ٤٤] هذا وإن كان بعث للناس كافة فإن الله جعل جميع الأمم وعامة الألسنة في هذا الأمر تبعاً للسان العرب وإذا كان كذلك فلا يفهم كتاب الله تعالى إلا من الطريق الذي نزله عليه وهو اعتبار ألفاظ ومعانيها وأساليبها اهـ.