للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الطبقة الثالثة طبقة التابعين رضي الله عنهم]

من أعيان فقهاء هاته الطبقة نافع مولى ابن عمر ومحمد بن شهاب الزهري وأبو عثمان ربيعة الرأي. اعلم أنه بعد تأسيس هاته الممالك الإِسلامية في الجهات الشرقية والغربية وبسط رواق العدل وإظهاره وقطع الظلم وأنصاره وتبليغ القرآن وانتشاره صار بذلك المسلمون إخواناً يتساوون في الحقوق ويتفاخرون بالتقوى وأعمال البر ومعالي الأمور ومكارم الأخلاق وذلك بواسطة الصحابة ثم التابعين وتقدم ذكر الأمراء الفاتحين من الصحابة وبقي ذكر الأمراء الذين جاؤوا بعدهم وقاموا مقامهم في نشر الدعوة والنصح للمسلمين فنقول: لما تولى الملك عبد الملك بن مروان وبلغه خبر كسيلة بعث لزهير بن قيس البلوي وهو إذ ذاك ببرقة بالتوجه لإفريقية واستنقاذ القيروان من كسيلة وأمده بالمال ووجوه العرب وفرسانها سنة ٦٩ هـ وسار زهير ودخل إفريقية بجموعه وخرج له كسيلة من القيروان في عسكره والتحم القتال ودام حتى انتصر المسلمون وقتل كسيلة ومن معه من وجوه البربر ومهد إفريقية وصار زهير بعد ذلك في ملك عظيم وكان من العابدين الصلحاء، ولما خاف الفتنة بحصول هذا الملك استقال ورجع للمشرق فلما وصل برقة وجد الروم على قتالها في جموع عظيمة وبأيديهم أسرى من المسلمين فقصدهم وقاتلهم حتى استشهد هو ومَن معه ولما بلغ خبره عبد الملك اشتد أسفه عليه ووجه حسان بن النعمان الغساني ويقال له الشيخ الأمين ودخل إفريقية سنة ٧٩ هـ في أربعين ألف مقاتل وبعد أن أقام بالقيروان قصد قرطاجنة وفتحها وهذا الفتح من الفتوحات الإِسلامية العظيمة ثم قصد دهيا الكاهنة المشهورة وكانت في جموع عظيمة ممن البربر فالتحم القتال وصبر الجمعان إلى أن هزمته وفي هذا العهد كانت إفريقية في غاية العمران وإذ ذاك أذنت دهيا بتخريب مدنها وحصونها فخربتها وعضدت أشجارها ومحت جمالها ولم تبق إلا آثارها، ثم إن حساناً نظم جيشاً عظيماً ورجع لها بعد خمس سنين بما انضم إليه فهزمها وقتلها واستقام أمره ودخل القيروان ومهد الأحوال ودوّن الدواوين، وهو الفاتح لتونس وقيل زهير بن قيس ولما جاء الأمر بعزله من قبل والي مصر عبد العزيز بن مروان رجع للمشرق وتولى بعده أبو عبد الرحمن

<<  <  ج: ص:  >  >>