في المؤنس أن بني زيري دار ملكهم أولاً المنصورية ثم انتقلوا إلى المهدية في زمن المعز بن باديس ومدفنهم بالمنستير بقصر السيدة وكان لهم ناموس وعساكر عديدة وبلغوا رتبة السلاطين، وقال ابن خلكان نقلاً عن كتاب الجمع والبيان لأبي محمد عبد العزيز بن شداد بن تميم بن المعز أنه جرت العادة أن كل أمير من هذا البيت يدفن في قصره ثم ينقل بعد سنة إلى قصر السيدة بالمنستير.
قلت: ومن المقبورين بهذا القصر الذي مر وصفه قريباً وقبرها غير معروف أم ملال قال ابن العذاري هي أخت نصير الدولة باديس بن منصور عمة المعز، وهي أول مَن بايعته وهنأته بالولاية في المهدية، وتوفيت سنة ٤١٤هـ انتهى.
ومن المقبورين بالقصر وقبرها معروف لهذا الوقت في مقصورة بمسجد يزار يعرف بالسيدة، قال ابن العذاري: وفي سنة ٤١٢هـ توفيت السيدة زوجة نصير الدولة وكفنت فيما لم يذكر أن ملكاً من الملوك كفن بمثله فحكى من حضره من التجار أن قيمته مائة ألف دينار وجعلت في تابوت من عود هندي قد رصع بالجواهر وكانت جنازتها لم ير مثلها وكانت مسامير التابوت بألفي ديار وفي سنة ٤١٣هـ أعرس المعز فكان له عرس ما تهيأ لأحد قط من خلفاء الإِسلام وشرحه الرقيق في كتابه تركناه اختصاراً. انتهى.
وفي المؤنس أنها جدة المعز توفيت سنة ٤١١هـ وكفنها بما قيمته مائة ألف دينار وعمل لها تابوتاً من العود الهندي مرصعاً بالجوهر وصفائح الذهب وسمر التابوت بمسامير الذهب وزنها ألف مثقال وأدرجت في مائة وعشرين ثوباً وذر عليها من المسك والكافور ما لا حد له وقلد التابوت بإحدى وعشرين سبحة من نفيس الجوهر وحملت إلى المنستير ودفنت بها وأمر المعز بخمسين ناقة ومائة رأس من البقر وألف شاة فنحرت وفرق في مأتمها على النساء عشرة آلاف ديار. انتهى.
قلت. ما صرح به ابن العذاري من أنها والدة المعز مخالف لما في المؤنس من أنها جدته والذي صرح به ابن عذاري هو الصواب وما في تاريخ الشيخ مقديش يؤيده ومحل الحاجة منه كتب الشيخ سيدي محرز بن خلف كتاباً إلى باديس ولما وصل إليه قرأه وعمل بما فيه من النصائح ثم بعثه إلى السيدة وقال لحامله: قل لها هذا كتاب سيدي محرز فاحتفظي عليه ولعل بركته تعود عليك، ولما وصل لها قرأته ثم طيبته وخرزت عليه وكانت حاملاً فولدت المعز في جمادى الأولى سنة ٣٩٨ هـ انتهى.