القهار وهذه الدنيا لا يدوم نعيمها ولا ييأس سقيمها وبهذا جرت عادة الله في خلقه إنما الدهر دول بعد دول لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون كما جرت عادته في بيوت أهل الفضل والترف والملوك وغيرهم إذا تطاول عليها الزمان واعتمد الأبناء على ما بنته الآباء ولم يحصلوا على شرف من قبلهم فلا يلبث فيهم الاشتغال بالترف ونضارة العيش أن يهدم معالمهم التي بناها آباؤهم وغفلوا عن تجديدها والذود عنها.
واعلم أن صنهاجة قبيلة من قبائل البربر والمصامدة قبيلة من قبائل البربر أيضاً ومنها عبد المؤمن بن علي، واختلف النسابون والمؤرخون في نسب البربر اختلافاً كثيرًا وتقدم الكلام على ذلك.
تنبيه: قد علمت أن العلم انقطع من القيروان بانقطاع العلماء منها وانتقال كرسي المملكة منها إلى المهدية وظهر بها فحول من العلماء والأدباء منهم ابن النحوي والإمام المازري وأبو الصلت أمية بن عبد العزيز وابن بشير وأبو محمَّد التيفاشي.
[الطبقة الثانية عشر]
قد علمت أن إفريقية آل أمرها إلى الخليفة عبد المؤمن بن علي باني دولة الموحدين على يد المهدي محمَّد بن تومرت ومن القائمين بدعوة هذا المهدي أبو حفص عمر بن يحيى الهنتاتي يرجع نسبه إلى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وله القدم الراسخة في دولة عبد المؤمن والمواقف الشهيرة والمقامات الحميدة وتوفي سنة ٥٧٥ هـ ولما آلت الخلافة إلى يعقوب المنصور بن يوسف بن عبد المؤمن المتوفى سنة ٥٩٥ هـ استوزر أبا محمَّد عبد الواحد ابن الشيخ أبي حفص المذكور وابنه الآخر أبو سعيد ولاه إفريقية فدخلها واشتغل بتونس واستعمل أخاه أبا علي على المهدية ولم يتم له أمر وفي خلال تلك المدة وصل أبو زيد بن أبي حفص بن عبد المؤمن إفريقية والياً عليها بدل أبي سعيد وخرجت في تلك المدة المهدية وسائر الجهات القبلية عن أبي فلد المذكور واستولى عليها يحيى بن إسحاق الميورقي من بني غانية ثم استولى على تونس وقبض على أبي زيد المذكور في ربيع الأول من أول عام من المائة السابعة ولما آل أمر الخلافة للناصر بن المنصور المذكور بوفاة والده وبلغه ما حلّ بإفريقية توجه لها في عسكره واستصحب وزيره أبا محمَّد المذكور ودخل تونس ووجه وزيره المذكور للمهدية فأفتكها وغيرها من ابن غانية سنة ٦٠٢ هـ في أخبار طوال ودانت له البلاد ثم رجع الناصر لمحل خلافته واستخلف