للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكرت جمة الذكري تهيج لي ... فأين جمة مني والمنتسير

وما مناي لياليها التي سلفت ... وما مناي محانيها المعاطير

والمراد بجمة المهدية.

فصل

فيما يتعلق بالقصر

قال البكري: إن محرس المنستير المعروف بالقصر الكبير له في يوم عاشوراء موسم عظيم وجمع كبير فخيم وبالمنستير الطواحن الفارسية ومواجل الماء وهو حصن عال متقن البناء والعمل وفي الطبقة الثانية منه مسجد لا يخلو من خير فاضل يكون مدار القوم عليه وفيه جماعة من الصالحين والمرابطين قد حبسوا أنفسهم فيه منفردين عن الأهل والعشائر وقال محمد بن يوسف: هو قصر كبير عال بداخله ربض واسع وفي الربض حصن ثانٍ كبير كثير المساكن والمساجد في طبقات عالية بعضها فوق بعض وفي القبلة منه حصن فسيح فيه قباب عالية متقنة تنزل حولها النساء المرابطات تعرف بقباب جامع وبها جامع متقن البناء وبها حمامات كثيرة وكان أهل القيروان يخرجون إليهم بالأموال والصدقات الجزيلة وبالقرب من المنستير ملاحة عظيمة تشحن منها السفن بالملح إلى البلاد وبقربها محارس متقنة البناء معمورة بالصالحين وليس بإفريقية أجل من محرس المنستير. انتهى.

وفي حسن البيان القصر المذكور سامي بضخامته قصر أجم من الهياكل لما تقدم من الأمم وفاق بإضافة الغرض ومتانة المقصد لأنه بني لمصلحة وهو الرباط وهو قصور ثلاثة شامخة ذات طبقات تشمل مئات من البيوت وقد بنيت بالحجارة العظيمة بأحكم صنعة وإتقان على غاية من الأحكام وفي وسطها مخازن للطعام ومواجل الماء ومستودعات آلات الحرب ومرابط الخيول وحولها القلاع الحصينة والحصون المنيعة يحيط بها أسوار شامخة التي تكاد تطرد الطير عن بلوغ أعلاها سمواً وشحنها العرب بالقوات والخيل والرجال فكان يقصده من جهات إفريقية أهل التقوى والفضل والإحسان. وقال الشيخ مقديش المهدية لم يكن لها جنات ولا بساتين وإنما يجلب إليها من المنستير ما تحتاج من الثمار. وبالمنستير قصور ثلاثة يسكنها العلماء والصالحون والأعراب لا تضرهم في شيء من ثمرهم ولا من عمارتهم لأنها محل رباط وعبادة وأهل المهدية يدفنون موتاهم فيها تبركاً وهاته القصور أبراجها منتظمة مع قرب بعضها بها بيوت بعضها على بعض محكمة البناء وحولها دور يحيط بها سور قد رصص بناؤه.

<<  <  ج: ص:  >  >>