بالكتابة ولعمري إنها الأصل فإن الخاطر يغفل والقلم يحفظ فلما أن أفضت الخلافة إلى الإمام العادل عمر بن عبد العزيز كتب على رأس المائة إلى عماله في أمهات المدن الإسلامية بجمع الحديث وممن كتب إليه محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري المدني أحد الأئمة الأعلام وعالم أهل الحجاز والشام ثم شاع التدوين في الطبقة التي تلي طبقة الزهري فكان أول مَن جمعه ابن جريج بمكة وابن إسحاق أو مالك بالمدينة والربيع بن صبيح أو سعيد بن أبي عروبة أو حماد بن سلمة بالبصرة وسفيان الثوري بالكوفة والأوزاعي بالشام وهشيم بواسط ومعمر باليمن وجرير بن عبد الحميد بالري وابن المبارك بخراسان وكل هؤلاء من أهل القرن الثاني وكان جمعهم للحديث مختلطاً بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين.
[الدور الثاني أشهر الكتب المؤلفة في القرن الثاني]
١٧٨٥ - من أشهر الكتب المؤلفة في المائة الثانية الموطأ للإمام مالك بن أنس ومسند الإمام الشافعي ومختلف الحديث له والجامع للإمام عبد الرزاق بن همام الصنعاني ومصنف شعبة بن الحجاج ومصنف سفيان بن عيينة ومصنف الليث بن سعد المتوفى سنة ١٧٥هـ ومجموعات مَن عاصرهم من حفّاظ الحديث وعقّال أوابده كالأوزاعي والحميدي.
[موطأ الإمام مالك]
١٧٨٦ - درجة حديثه: قال الحافظ ابن حجر أن كتاب مالك صحيح عنده وعند من يقلده على ما اقتضاه نظره من الاحتجاج بالمرسل والمنقطع وغيرهما، قال مؤلف: حجة الله البالغة أما على رأي غيره فليس فيه مرسل ولا منقطع إلا وقد اتصل السند به من طرق أخرى فلا جرم كانت صحيحة من هذا الوجه وقد صنف ابن عبد البر كتاباً في وصل ما في الموطأ من المرسل والمنقطع والمعضل قال: وجميع ما فهي من قوله بلغني ومن قوله عن الثقة عنده مما لم يسنده إحدى وستون حديثاً كلها مسندة من غير طريق مالك إلا أربعة لا تعرف وذكرها.
وقد صنف في زمان مالك موطآت كثيرة في تخريج أحاديثه ووصل منقطعه مثل كتاب ابن أبي ذئب وابن عيينة والثوري وغيرهم ممن شارك مالكاً في الشيوخ.