للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالشرف ومَن كان دون ذلك لم يكن أن يبلغ في الشرف مبلغ الأعلى في اتباعها. فالشرف إذاً إنما هو بحسب المبالغة في تحكم الشريعة اهـ ببعض اختصار.

[خلاصة في العلوم التي تفرعت من القرآن أو نشأت لخدمته]

اعلم أن العرب في صدر الإِسلام حفظوا القرآن وليس في أيديهم من الكتب غيره يقرأونه ويتعظون به ويتحاكمون إليه وقد عجبوا بأسلوبه ودهشوا ببلاغته لأنه ليس من قبيل ما كانوا يعرفونه من نثر الكهان المسجع ونظم الشعراء المقفى الموزون وقد خالف كليهما وفيه من اليلاغة وأساليب التعبير ما لم يكن له شبيه في لسانهم، فسحروا بأسلوبه وبما حواه من الشرائع والأحكام والأخبار، فأصبح همهم تلاوته وتفهم أحكامه, لأنه قاعدة الدنيا والدين وبه تتأيد السلطة والخلافة وهو أول كتاب أخذوا في قراءته وحفظه.

[القراءات السبع]

واختلفوا في قراءة بعض آياته. فتولدت القراءات السبع نسبة إلى سبعة من القراء- تقدم ذكرهم في المقدمة- وتفرع بتوالي الأعصر إلى سبعة علوم هي: علم الشواذ، وعلم مخارج الحروف، ومخارج الألفاظ، والوقوف، وعلل القرآن، وكتابة القرآن، وآداب كتابة المصحف. وفي كل من هذه العلوم قواعد وكتب، وأكثر العلوم الإِسلامية نشأت من القرآن أو تولدت خدمة له ولا يكاد يخلو علم من تأثير القرآن عليه رأساً أو ضمناً.

[النحو]

أول شيء احتاجوا إليه في ضبط القرآن النحو، وكان الباعث على التعجيل في ضبطه وضبط قواعده ما شاهدوه من لحن الناس في قراءة القرآن بعد الفتوح وانتشار العرب في الآفاق، وقد نمت قواعده ولم يتم القرن الثاني للهجرة أي نضج في قرن وبعض القرن، واليونان لم يتم علم النحو عندهم إلا بعد إنشاء دولتهم بعدة قرون، ولم يضع الرومان نحو اللغة اللاتينية إلا بعد قيام دولتهم بستة قرون. ويفتقر علم النحو في تأييد قواعده إلى معرفة كلام العرب وأساليبهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>