للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأموال وتأمين السبل ثم ثار عليه محمَّد بن شكر ووقعت له حروب معه آل الأمر إلى انهزامه وفراره للصحراء واستولى على تونس وسائر البلاد بإعانة من صاحب الجزائر وتصرف في العباد بالقتل والنهب والفساد وآسف الناس فراق محمَّد باي واستكانوا تحت سطوة هذا الجبار ثم ثار عليه أهل سوسة والقيروان وبعثوا لمحمد باي ينادونه وقدم وانضم إليه خلائق لا يحصون وخرج إليه ابن شكر فالتقوا على وادي برق الليل فكانت الدائرة على ابن شكر ومات مذموماً مدحوراً وذلك سنة ١١٠٦ هـ واستولى محمَّد باي على جميع ما معه ودخل القيروان ثم تونس وسر الناس بقدومه واستبشروا وهادن صاحب الجزائر بواسطة الولي العالم الشيخ علي عزوز ومن مآثره المباني الضخمة القاطعة بعلو مقداره منها جامعه الفخيم البديع المنظر والشكل أمام ضريح ولي الله الشيخ محرز ومات قبل إتمامه فأتمه أخوه رمضان باي وله مدارس بالكاف وباجة والقيروان ونفطة وتوزر وقابس وأسواق الشواشية الثلاث والزيادة في قصور باردو والقنطرة على وادي مجردة وأقام علي بنائها بنفسه وهي شاهدة له بالمزية العظيمة والرتبة الشامخة وكان مؤثراً للعدل والإنصاف قامعاً لأهل الجور والظلم من عماله وعساكره محباً لأهل الفضل والعلم وبقي في أمن ودعة إلى أن وافاه أجله في ربيع الأنور سنة ١١٠٨ هـ وعظم المصاب به وفي مدة أخيه علي أنهى صاحب المونس تاريخه وقد استوفى في مونسه أخبار رجال هاته الدولة وعلمائها وكانت مشاهدة عيان كما استوفاها الشيخ حمودة بن عبد العزيز في باشه.

تنبيه: من أعيان العلماء المعاصرين لهؤلاء الأمراء أبو الحسن النفاتي وأبو بكر البكري وأبو الفضل المسراتي وأبو العباس الشيف وأبو الحسن الغماد.

[الطبقة الثالثة والعشرون]

لما توفي الأمير محمَّد باي سنة ١١٠٨ هـ تمت البيعة لأخيه رمضان فأقر الناس على مراتبهم ومهد البلاد وجبى الأموال وكان عاكفاً على الملاهي، وكان له مغن اسمه مزهود استولى عليه وفوض أمره إليه وأقبل على لهوه وتصرف مزهود بالقتل وغيره وتمادى على ذلك حتى قتل العلامة حمودة ابن الشيخ محمَّد فتاتة افتياتاً على سيده فنفرتهما القلوب وارتفعت الأكف بالدعاء بهلاكهما فهلكا وسنقص عليك خبرهما، وكانت أم رمضان كافرة ماتت على دينها فبنى لها الكنيسة قرب باب قرطاجنة ودفنها بها والشيخ حمودة المذكور كان مختصاً برمضان باي قبل الولاية وبعدها سفراً وحضراً لحسن محاضراته ولطف آدابه ووثوق علمه وذوقه وفهمه. ثم سعى مزهود في إبعاده عنه وخلا له الجو وكان في عهد الإِمام تاج العارفين البكري

<<  <  ج: ص:  >  >>