للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحتهم حتى فتحها درغوث باشا كما ملكوا بجاية سنة ٩١٠ هـ وبقيت لهم أيضاً حتى أفتكها صالح باشا واضطربت أحوال الدولة من يومئذ. ومن آثار هذا السلطان المقصورة الشرقية بالجامع الأعظم وأوقف بها كتباً جمة وهي المعروفة الآن بالعبدلية نسبة له وتوفي وإفريقية في اضطراب سنة ٩٣٢ هـ وبويع لابنه الحسن وسار سيرة حسنة ثم انقلب لأسوأ سيرة فازداد الارتباك والاضطراب في البلاد وخرج عن طاعته سوسة والقيروان وملك صاحب الجزائر وقسنطينة وتغلب العرب على البلاد وقويت شوكتهم وكان خير الدين وأخوه عروج قدماً من جزيرة مدلس للحاضرة على السلطان المذكور فقبلهما بالجميل ولهما وقائع وغزوات برية وبحرية شهيرة وبعد فتح الجزائر وغيرها أقام خير الدين والياً عليها ووقع توجيه البيعة للسلطان سليم العثماني وانتشر ذكره وبعد صيته بالمشرق والمغرب ثم قصد تونس واستولى علي بنزرت وخطب بها للسلطان العثماني ولما بلغ ذلك الحسن الحفصي أيقن بالغلبة وفر بما خف ودخل خير الدين الحاضرة بلا قتال سنة ٩٣٥ هـ ثم لما ثار عليه بعض أهل تونس خرج منها بعد أن سكن الثائرة وأمن الناس وبأثر ذلك رجع الحسن لتونس ووقعت حروب بينه وبين خير الدين وأخيراً انتصر عليه خير الدين ووقع الإعلان بطاعة السلطان سليمان وساس خير الدين الرعية ولما أيس الحسن من نصرته على خير الدين ذهب لإسبانيا مستصرخاً بطاغيتها وأجابه لذلك وأمده بأسطول وقدم الحاضرة وقامت الحرب على ساق حتى انهزم خير الدين لأن غالب الناس مالوا لسلطانهم سليل ملوكهم ودخل الحسن الحاضرة والنصارى وأمنوا الناس فلم يرعهم وهم في أمان إلا هجوم النصارى عليهم على حين غفلة فاستباحوهم قتلاً وأسراً ونهباً. يقال: قتل في هاته الواقعة ثلث أهل تونس وأسر الثلث ونجا الثلث وكل ثلث ستون ألفاً وهاته الواقعة تسمى بوقعة الأربعاء وأشار إليها العالم ابن سلامة في قصيدته التي يتشوق فيها إلى تونس ويندب أطلالها ويذكر أيامها الرافلة في حلل الدعة وكيف تغيرت وتبدلت أحوالها وبقي الحسن مع النصارى تحت الذل والهوان وشاركوه في البلد وملكوا حلق الوادي وشيدوا به حصناً أقاموا في بنائه نحواً من أربعين سنة ثم خرج الحسن لاسترجاع القيروان من الثائرين عليه ولما هزموه شر هزيمة ذهب لإسبانيا طالباً من الطاغية الإعانة على استرجاع القيروان كإعانته على أهل تونس قبل فخيب الله سعيه. وستأتي بقية أخباره.

تنبيه: اعلم أنه بانتهاء المائة التاسعة أخذ العلم بتونس في القهقرى والرجوع إلى الوراء بعد أن كان سوقه نافقة في دولة أبي عمرو المذكور وتداول في مدته ومدة أخيه محمَّد خطط العلم جماعة وافرة منهم أبو عبد الله بن قليل الهم وأبو عبد الله

<<  <  ج: ص:  >  >>