في رجب سنة ٧٤٧ هـ ولما توفي تمت البيعة لابنه أبي حفص وعدل عن ولاية ابنه أبي العباس ثم ثار أبو العباس هذا عليه وقدم الحاضرة فملكها سنة ٧٤٧ هـ ثم ظفر به أخوه أبو حفص وقتله وأبو حفص قتله السلطان المريني الآتي ذكره سنة ٧٤٨ هـ وكان قتله بقابس وولايته عشرة أشهر وكان قدوم السلطان أبي الحسن المريني من المغرب إلى الحاضرة في السنة في جند عظيم وصحبته الكثير من علماء المغرب وأدبائه منهم السطي والإبلي وابن الإِمام وابن عبد المهيمن وابن الصباغ ودخل تونس في أعظم أبهة وأحسن احتفال وله في إقامته بإفريقية أخبار طوال وأصلح الفساد ومحا دولة بني أبي حفص واستقام له الحال ثم دارت عليه الدوائر من الأعراب وحلت به نوائب وأهوال وآل أمره للرجوع للمغرب في أساطيله سنة ٧٥٠ هـ وقاسى في طريقه الشدائد والمصائب وأحاطت به النوائب وغرق أسطوله وبه الكثير من أفاضل العلماء منهم السطي. وفي مدة إقامته بإفريقية كان الوباء الجارف ضارباً خيامه بها وبأثر خروج هذا السلطان من الحاضرة دخلها وإلى بونة أبو العباس الفضل بن أبي بكر بن أبي زكرياء الحفصي واستقل بالأمر وجدد الرسوم الحفصية ثم قتل في جمادى الأولى سنة ٧٥١ هـ.
تنبيه: من مآثر أبي زكرياء اللحياني المذكور تجديد أبواب جامع الزيتونة الجوفية من عود الساج سنة ٧١٧ هـ ولا زالت على حالها إلى هذا العهد ورحلة التجاني المشهورة كانت صحبته. وكان عالماً معظماً للشريعة فاضلاً أميراً عادلاً ومن عدله أنه مكن القاضي ابن عبد الرفيع من ابنه أبي ضربة للقصاص في نفس قتلها وأقر بالقتل وحكم القاضي بالقصاص ولما عفا الأولياء بقي في حبس القاضي على مقتضى المذهب المالكي من سجن القاتل عاماً ثم ضربه مائة إن لم يقع القصاص كفارة للقتال إذا كان القتل بإقراره ولبث في السجن حتى أخرجه أهل الحل والعقد منه وبايعوه لما نفض أبوه يده من السلطنة وهو من الذين خرجوا على القانون الشرعي فإنه لما أخذ البيعة وثب على القاضي الذي سجنه ونفاه للمهدية واعتقله بها في ماجل بقي فيه ما ينيف عن العامين فانظر إلى الأب كيف سلّم ولده للأحكام الشرعية وآدابها وإلى الابن لما قدر كيف عاقب القاضي على فعل يجب عليه فعله وكان قاضياً إلى أربعة من أسلافه وأسلافه لهم أخبار دالة على توطين نفوسهم على الأحكام الشرعية وآدابها مع ملازمة الجماعة في الصلوات في المساجد وفي قصورهم وبساتينهم وقراءة الحديث والميل إلى سماع المواعظ والعمل بها والأخبار الدالة على أن بعضهم ومنهم أبو ضربة المذكور وآخر ملوك دولتهم بعكس ذلك كالجراءة على القتل والعقاب بالسجن لمن فعل ما وجب عليه فعله شرعاً. وقد عقد