المقصود الأصلي من الطريق بل مدار أصل الطريق مجاهدة النفس وإلزامها العمل بما جاءت به الطريقة المحمدية في الباطن والظاهر ولبس الخرقة فعله القوم للتبرك وليجتمع بخرقتهم أصحاب طريقتهم فالطريقة هي العمل بالكتاب والسنة والحقيقة أسرار وأنوار يثمرها العمل {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} اهـ ببعض اختصار.
[تنبيه]
١٧٣٣ - اعلم أني التزمت ذكر الوفيات وقد حصل المطلوب في الجل ومَن لم أذكر وفاته فموجبه عدم حصول العلم بها لكن ذكرهم في طبقات معاصريهم كاف في الغرض المطلوب كما أني التزمت ذكر مشيخة المترجم له والحال أني ذكرت مَن لم نذكر له مشيخة سببه عدم الوقوف عليها ولشهرتهم ذكرتهم في طبقات معاصريهم كابن شاس وابن التين وأبي زيد الأخضري وغيرهم، قال بعض الأئمة: إن العلماء أشتات متفرقون في أقطار شاسعة وأمصار بعيدة والوقوف على تراجمهم وآثارهم وقصد الصحة في ذلك يحتاج إلى تعب شديد وصبر طويل على استطلاع الحقائق من قطر المترجم له وخزائن كتب قطره. قلت: التعب أشد والصبر أطول على مَن كان في بلد خال من الكتب ومن المرشد المعين وذكرت أيضاً كثيراً من العلماء الأخيار ممن تقدم أو تأخر فيما مضى من الأعصار ولم نذكر كثيراً منهم لعدم وصول أخبارهم إلى وانبهام كثير من أحوالهم علي وذلك غاية المقدور وهو يدل على ما بي من الجهل والقصور وعدم بلوغ مراتب الكمال والظهور ورحم الله القائل:
أسير خلف ركاب النجب ذا عرج ... مؤملاً جبر ما لاقيت من عرج
فإن لحقت بهم من بعد ما سبقوا ... فكم لرب السما في الناس من فرج
وإن ضللت بقعر الأرض منقطعاً ... فما على أعرج في ذاك من حرج
على أن المرء وإن بلغ جهده فالإحاطة إنما تكون لله وحده وغاية القول فيمن ذكرته أو لم نذكره أنهم في الحقيقة سادات السادات الذين لهم فضائل تقصر عنها الغايات وبذكرهم تستنزل الرحمات وبصفاء أنفاسهم الزكية تنقشع غمائم الغمة والمدلهمات ورحم الله القائل:
لي سادة من عزهم ... أقدامهم فوق الجباه
إن لم أكن منهم فلي ... في ذكرهم عز وجاه
والله أسأل عطفهم علي ورضاهم والدخول تحت لواهم والتجاوز عما صدر مني من التقصير والمسامحة فيما لم أتنبه إليه من سوء أدب أو تغيير فإني أعلم أنهم