للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الطبقة السادسة]

لما توفي أبو عقال المتقدم الذكر بويع لأخيه أبي العباس محمَّد وكان مظفراً في حروبه، وله وقائع مع بعض آل بيته. ومن فضائله ولاية سحنون القضاء؛ راوده حولاً كاملاً على أن يوليه القضاء فأبى، ثم عزم عليه بالأيمان التي لا يخرج منها فلما رأى ذلك سحنون اشترط عليه شروطاً منها أنه قال له: إني أبدأ بآل بيتك وأعوانك فإن قبلهم حقوقاً للناس منذ زمان طويل ومنها أن آل الأغلب إذا طلبهم أحد يحضرون بأنفسهم في مجلس الحكم ولا يوكلون غيرهم لما يرون في ذلك من الردع لهم لأن الأنفة تمنعهم ذلك فلا يقع منهم التعدي ولا حجر الحقوق. وباشر بنفسه خطة الحسبة مع القضاء. رحل لمصر سنة ١٨٨هـ وقرأ الأسدية على ابن القاسم. وفي الديباج: لما ولي القضاء دخل على ابنته خديجة- وكانت من خيار النساء- وقال لها: اليوم ذبح أبوك من غير سكين. فبذلك علم الناس أنه قبل القضاء. انتهى وناهيك من قوم قاضيهم مثل الإِمام الذي لم يقبل القضاء إلا بشروط وناهيك بذلك الأمير الذي وفي له بتلك الشروط وتوفي هذا الأمير سنة ٢٤٢هـ وبويع لابن أخيه أبي إبراهيم أحمد بن محمَّد وكان فاضلاً عادلاً حسن السيرة كثير الصدقات رفيقاً بالرعية وكانت في أيامه وقائع بصقلية أكثرها للمسلمين، وله مآثر خالدة منها التوسعة في جامعي القيروان وتونس، وتوفي سنة ٢٤٥ هـ وهو ابن ثمان وعشرين سنة وبويع لزيادة الله بن أحمد بن محمَّد وكان فاضلاً عاقلاً حسن لسيرة شجاعاً جميل الأفعال. كان سليمان بن عمران القاضي يقول: ما ولي من بني الأغلب أعقل من زيادة الله هذا، وتوفي سنة ٢٥٠ هـ وبويع لأخيه محمَّد بن أحمد المعروف بأبي الغرانيق لشغفه بصيدها وكان يغلب عليه اللهو وكانت في أيامه حروب عظيمة وكان فتح جزيرة مالطة على يده سنة ٢٥٥ هـ وأسر ملكها وتوفي سنة ٢٦١ هـ وبويع لأخيه إبراهيم بن أحمد وكان عادلاً حميد السيرة وفي أيامه كان فتح سرقوسة، ثم ساءت سيرته وأفتك بكثير من إخوته وبناته وآل بيته وجواريه وخدمه في أخبار تذوب منها الأكباد وتقشعر منها الجلود وكانت أفعاله السيئة أحد الأسباب في ضعف هاته الدولة المؤدن بزوالها ثم أظهر التوبة وأقلع عما كان عليه واستنفر الناس للجهاد ووسع على المقاتلة وفرق الأموال وخرج من سوسة إلى صقلية وهو أمير الجيش سنة ٢٨٤ هـ فسبى وغنم ودخل بليرمو وبها توفي سنة ٢٨٩ هـ في ذي القعدة بعلة أصابته ودفن هناك، وقيل: نقل للقيروان وبويع لابنه أبي العباس عبد الله وكان شجاعاً ثبتاً ذا بصر بالحروب أديباً عاقلاً حسن السيرة وله وقائع في صقلية مشهورة

<<  <  ج: ص:  >  >>