للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خلاصة]

اعلم أن الفتوحات الإِسلامية امتدت واتسعت في الجهات الشرقية والغربية زمن الخلفاء الراشدين لطهارة سيرتهم وصفاء سريرتهم ولعدلهم في بيت المال وغيره وكان الصحابة رضي الله عنهم هم الواسطة العظمى في انتشار الدين وتبليغه بنقل أقواله وأفعاله وأحواله وأخباره وبث العلم وانتشاره وبهم أشرقت على العالم أنوار النبوة المحمدية على صاحبها أشرف السلام وأزكى التحية واعترفت الأمة لله الواحد القهار بالوحدانية وبلغت من الرقيّ أعلاه ومن المجد أسناه وبسطت الخلافة الإِسلامية يدها على مشارق الأرض ومغاربها كل ذلك بواسطة الصحابة ثم التابعين رضوان الله عليهم أجمعين فهم الذين مهّدوا لنا المسالك وفتحوا لنا الأقطار والممالك وذلوا الأمم وأقاموا منار العدل ومحوا آثار الفساد والبغي والظلم وقد كانوا أسود نزال وعلماء حرب وقتال وكانت لهم الحرية الحقيقية لا يسكتون على منكر ولا يقرون على ضيم وكانوا غير مستبدين في الأعمال لا يبرمون أمراً من أمور الدولة إلا بعد المشاورة فيه مع عظماء الأمة وكان اختيار الأعمال المنوطة بهم يوكل إليهم والخليفة ينفذ ما استقر عليه رأيهم لأنه أرجى في نجاح الأمور لأن الأمة لا تجتمع على ضلالة فكانت الأعمال منظمة والرياسة في أهلها والنجاح متأصل الأطراف مأمون مما يخاف.

واعلم أني أشرت فيما تقدم للفتوحات الشرقية والغربية التي وقعت زمن الخلفاء الراشدين وهي في الحقيقة تمهيد للفتوحات الغربية وذكر أمراء إفريقية. وحيث كان ذلك هو الغرض الوحيد من تأليف هاته التتمة وقد آن الأوان فلنشرع في الغرض المقصود، مستعيناً بالواحد المعبود، فنقول:

[الفتوحات الغربية على يد الصحابة]

أول أمير تأمّر على جيوش إفريقية هو البطل المشهور المجاب الدعوة سيدنا عبد الله بن سعد بن أبي سرح بعهد من الخليفة الثالث سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه وتحرير الخبر في ذلك كان استعمل على الحرب في مصر عبد الله بن سعد وأمره بغزو إفريقية سنة ٢٤ هـ أو ٢٥ هـ وقال له: إن فتح الله عليك فلك خمس الخمس من الغنائم، فأمر عقبة بن نافع بن عبد القيس القرشي الفهري الصحابي بالمولد على جند وعبد الله بن نافع بن الحارث على آخر وسرحهما فخرجوا إلى إفريقية في عشرة آلاف وصالحهم أهلها على مال يؤدونه ولم يقدروا على التوغل فيها

<<  <  ج: ص:  >  >>