لعثمان:"إن الله مقمصك قميصاً فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني" فلما حصره المنافقون وأرادوا منه أن يخلع نفسه امتنع لهذا الحديث وقال إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهد إليّ عهداً فأنا صابر عليه. قال الأبي نقلاً عن ابن العربي: كانت قتلة عمر مصيبة في الإسلام خاصة وقتلة عثمان مصيبة في الإِسلام عامة عزاؤها المصيب برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قتل - رضي الله عنه - ورحمه وطالبوه أربعة آلاف وفي المدينة أربعون ألفاً كلهم لا يريد قتله ويريد نصره لكن منع الكل واستسلم الأمر للعهد الذي كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يرض أن يراق بسببه دم ورضي أن يكون عند الله المظلوم ولا يكون عنده الظالم وكل من في المدينة برىء من دمه إلا أربعة آلاف المكاشفين بالحصار والإنكار وما أنكروا إلا معروفاً. وقد وصف المؤرخون في كتبهم أخبارهم فحذاراً أيها الرهط المتطلبون العلم أن تعولوا على تاريخ فإنكم تلاقون الله متقدمين في الجهل متأخرين في العلم.
[الحالة الاجتماعية على عهده]
لما استكمل الفتح على عهده ونزع الناس بالضرورة على طلب الراحة وأخذوا بقسطهم من السيادة على الشعوب وجاوروا المترفين من أهل المدن واستخشنوا عيش البداوة واستغلوا ثمرة الضرع دون الحرث والزرع، وكان عثمان - رضي الله عنه - ليس من الشدة عليهم والأخذ على شكائمهم بالمكانة التي كانت لعمر قبله طمحت إلى ذلك نفوسهم واتجهت بمجاورة الشعوب الأخرى رغائبهم فاستقطعوا من عثمان القطائع واستأذنوه في استثمار الأرضين التي جلا عنها أصحابها فأقطعهم إياها فقاموا على حرثها وأخذوا باستثمارها. روي أن عثمان لما ولى معاوية على الشام والجزيرة أمره أن ينزل العرب بمواضع نائية عن المدن والقرى ويأذن لهم في اعتمال الأرضين التي لا حق فيها لأحد، فأنزل بني تميم الرابية وأنزل المازحين والمديبر أخلاطاً من قيس وأسد وغيرهم وفعل ذلك في جميع ديار مضر ورتب ربيعة في ديارها على ذلك وألزم المدن والقرى والمصالح مَن يقوم بحفظها ويذب عنها من أهل العطاء ثم جعلهم مع عماله، وفي ذلك دليل على تدرج القوم في مدارج الرقي وجنوحهم إلى الكسب من طرق التجارة والفلاحة وميلهم إلى الاستعمار، وكان عثمان غنياً جداً محباً للعمران ميّالاً إلى التأنق في المعيشة والتداول في البنيان وإنفاق المال في وجوه البذل ليوسع على الناس وخصوصاً على أهله وقرابته فقد