قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: ٢٢] الآية، كانت له عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حظوة لصدقه وحبه واتباعه أمره وطاعته له، تقدم أنه تولى الإمارة العامة على جيوش فتح الشام وكان أكثر فتحه على يده، تولى تلك الإمارة لا لدنيا يصيبها ولا لجاه يرغب فيه ولا لمال يدخره بل لمطلق خدمة الأمة ورجاء رضا الله، مات على ولايته ولم يملك من حطام الدنيا إلا سيفه وترسه ورحله ولم يكن في بيته ما يأكل إلا كسيرات من خبز، وهو الذي قال لعمر: أتفر من قدر الله! فقال: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، ثم نفر من قدر الله تعالى إلى قدر الله تعالى، وذلك دال على جلالته عند عمر. وبالجملة فإنه من كبار الصحابة وممن لازم النبي - صلى الله عليه وسلم - وتخلّق بأخلاقه متواضعاً زاهداً تقياً عاقلاً رزيناً لين الجانب عادلاً مخفوض الجناح عالماً بالشرع ذا دربة في أمور الحروب؛ أخرج الحاكم في المستدرك قال: لما طعن أبو عبيدة قال: يا معاذ صلِّ بالناس فصلّى ثم مات أبو عبيدة فخطب معاذ فقال: إنكم فجعتم برجل ما أزعم والله أني رأيت في عباد الله قط أقل حقداً ولا أبر صدراً ولا أبعد غائلة ولا أشد حياء للعاقبة ولا أنصح للعامة منه فترحموا عليه. مات في طاعون عمواس سنة ١٨ وسنه ثمان وخمسون على أحد الأقوال وأوصى أن يُدفن حيث مات.
عمواس: بين الرملة وبيت المقدس على أربعة فراسخ من الرملة وكان ظهوره سنة ١٨ وانتشر في البلاد فاجتاح السكان. وفي رواية ابن عساكر: كان أبو عبيدة في ستة وثلاثين ألفاً من المسلمين فلم يبقَ منهم إلا ستة آلاف رجل مات به كثير من الأعلام منهم أبو عبيدة ومعاذ بن جبل ويزيد بن أبي سفيان.
[سيدنا عبد الرحمن بن عوف (- رضي الله عنه -)]
هو أبو محمد عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف القرشي الزهري كان اسمه عبد الكعبة ويقال عبد عمرو فغيّره النبي - صلى الله عليه وسلم -، أحد العشرة وأحد ستة الشورى هاجر الهجرتين وشهد بدراً فما بعدها ولاه النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث دومة الجندل وهو الأمين على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجهن، ولاه عمر ذلك وقال فيه: هو سيد من سادات المسلمين ذو رأي مسدد، وهو الذي رجع عمر بجيشه من سرغ ولم يدخل الشام من أجل الطاعون والحديث عن ذلك مذكور في الصحيحين، وهو أحد المشهورين